ما بين عام وعام وما بين خطاب وآخر للسلطة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة تكون دولة الاحتلال (إسرائيل) قد فرضت وقائع كثيرة وارتكبت جرائم لا تعد ولا تحصى في الأمم المتحدة ويبقى خطاب السلطة في الأمم المتحدة كما هو؛ خطاب عاطفي فيه الكثير من الاستجداء ولغة ضعفاء لا يفهمها المحتل الإسرائيلي ولا يفهمها من يساندونه في الأمم المتحدة ومنها أمريكا وأوروبا وبعض المتآمرين على القضية الفلسطينية من الأنظمة العربية. اللافت أن هذا الخطاب جاء بعد انتهاء المهلة التي منحتها السلطة الفلسطينية للمجتمع الدولي بتغيير الواقع ومنحتها للاحتلال للكف عن جرائمه وانتهاكاته لاتفاقية أوسلو الملعونة وللقانون الدولي، الخطاب لم يأتِ فيه ذكر على التهديدات فضلًا عن قرار تنفذيها ثم ينتهي بـ”نريد حلًّا” وكأننا لسنا أصحاب القرار ولسنا قادرين على تنفيذ تهديداتنا أو شق طريقنا نحو التحرير والتغيير.
على الجانب الآخر استمعنا إلى كلمة رئيس وزراء الاحتلال في الجمعية العامة للأمم المتحدة فكان مليئًا بالأكاذيب والدجل والاستغباء، ولكنه عندما تحدث عن “عملية السلام” خاطب غزة حيث تكمن القوة ومخاوف الاحتلال الحقيقية، غزة بدورها ضحكت على خطابه مرتين؛ في المرة الأولى عندما قال إنهم خرجوا من غزة احترامًا لطلب الأمم المتحدة وحرصًا من (إسرائيل) على توفير بيئة مناسبة لنهضة غزة وأنهم تركوا الدفيئات حتى تستغلها غزة في بناء اقتصادها، وكلنا يعلم أن المحتل فر من قطاع غزة بقوة المقاومة. الشيء الآخر الذي أضحك أهل قطاع غزة هو وعده لهم بالسلام والازدهار مقابل تحييد سلاح المقاومة والإفراج عن جنوده وضمان عدم سيطرة حماس والجهاد الإسلامي على الدولة الفلسطينية.
الفلسطينيون ضحكوا عليه لأنهم يرون ما يحدث في الضفة الغربية حيث لا صواريخ ولا جنود مأسورون، ومع ذلك لا يوجد سلام ولا رفاهية ولا أي من الأكاذيب التي يروجها قادة الكيان الإسرائيلي ورئيس وزرائهم، وضحكوا أيضًا لأنهم يعلمون أنه ما لجأ إلى هذا الخطاب إلا لضعفه وقلة حيلته، ولأن غزة ليست شريكة في عملية التسوية حتى يخاطبها تاركًا رئيس السلطة ومن خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب الاحتلال بالعودة إلى المفاوضات وإنقاذ “حل الدولتين” من الاندثار.