داخل ربوع فلسطين المحتلة، وفي أوساط الرأي العام الفلسطيني تحديدًا في تلك المرحلة من عمر الثورة المُشتعلة والنضال الفلسطيني المُستمر ضد العدو الصهيوني في مدن الضفة الغربية المحتلة، القدس وجنين ونابلس ذاع صيت مجموعة عرين الأسود، ومعها تصاعد اسم ووسم ابن مدينة القدس المحتلة، الشهيد البطل عدي التميمي، ذاك الأسدُ الثائرُ المِقدام، والذي له من اسمه نصيب، كيف لا يجتمع الإقدام والثأر المُقدّس في سمته وبطولته وشجاعته وإرادته القوية، وهو الذي أرعب المحتل الصهيوني وشكّل له حالةً من الخوف والقلق والذعر بين صفوف الجنود الصهاينة المُنتشرين بكثافة على الحواجز العسكرية خشية تنفيذ عمليات أخرى من مجموعات الشباب الثورية خاصة عرين الأسود التي لمع اسمها لدى الاحتلال، ولا يزال كذلك يُدوّي ويُلاحقهم ليل نهار خشية خروج عدي جديد من بينهم يقتفي أثره في تنفيذ العمليات الفدائية، وقد بات من الواضح بأنّ الخوف والقلق والفشل ما زال مُسيطرًا على منظومتهم الأمنية والعسكرية حتى بعد ارتقاء عدي شهيدًا على يد قوات الاحتلال التي اشتبك معها لآخر لحظة من عمره، ورُغم تلقّيه لوابلٍ من الرصاص الذي أصاب أنحاءً مُتفرقة من جسده لم يستسلم؛ بل بقي ضاغطًا على سلاحه رافعًا رأسه عاليًا كالجبل الشامخ لا ينحني لأحد.
وهنا لا بدّ من استحضار مشاهد العزّ والفخر الذي تنعم به فلسطين، والذي يتعدّد في قاموس نضالها أسماء الأبطال، وتتكرّر داخله سير العظماء، وتسمو فيه حكايات ونماذج أصحاب التضحيات، وتكثر الأوصاف التي تنطبق عليهم جزاءً بما صنعت أيديهم، وعلى شرف ذكر مآثرهم يُضاف إلى صفحات تاريخهم النضالي الثوري اسم البطل الشهيد عدي التميمي، والذي صنع بشجاعته وتحدِّيه أسطورة وملحمة فدائية أذلّت الكيان الصهيوني وصفعته بدل المرة أضعافًا وأذاقته من كأس الخزي والذل علقمًا لا ولن ينساه مهما تفاخر بوهم إنجاز القضاء عليه أو تصفيته كما يدّعي، وسيبقى الرعب الذي حقّقه البطل عدي التميمي علامة فارقة في تاريخ الكيان المسخ، وسيبقى الأثر الذي أحدثه بشجاعته وإقدامه حاضرًا كالكابوس يلاحق الجنود الصهاينة على الحواجز العسكرية، فلا ولن ينسى قادة وأجهزة الاحتلال ومنظومتهم المُهتزَّة ما فعله الفارس المِقدام عدي التميمي المُجاهد الذي ضرب أروع الأمثلة بالتضحية والفداء والجهاد والمقاومة ضد قوات الاحتلال الصهيوني.
وأمام ما صنعه البطل لا يسعنا إلا أن نقول له ونحن نقف أمام بطولته لأداء تحية الوطن بفخرٍ واعتزاز، السلام عليك أيُّها المُطارِد صاحب الثأر المقدّس.
السلام عليك أيُّها الثائر المغوار.
السلام على روحك التي ارتقت بعد أن أدّت أمانة الدفاع عن الوطن، لله درُّك يا بطل.
سلِمتْ يمينُك يا أسد القدس وفلسطين.
طبْتَ وطاب مجدُك للأقصى نورًا يُضيء سماء القدس وفلسطين فقد حُقَّ لفلسطين وشعبها أن يفخر بعظيم بسالتك وشجاعتك في مواجهة ومقارعة المحتل الصهيوني الغاصب.
فعلى درب التحرير سرت أقدامك فوق رأس الطغاة والمتآمرين على شعبهم ومن بعدك سيخلفك ثُوّار آخرين سواء من عرين الأسود أو غيرهم.
إنّ قوافل الأبطال والثوار لا تتوقف ولا تنتهي، فهنيئًا لك الشهادة، فقد نلت أسمى درجات الدفاع عن الوطن ومُقدّساته، قاتلت حتى الرمق الأخير، الجرأة التي تملّكتها في الإثخان بالعدو وإيلامه حدّ الوجع والقهر وإساءة الوجه تعجز الكلمات عن التعبير عنها ووصف تراتبية أسطورتها الثورية، وليُسجِّل التاريخ تضحياتك بِصفحات العزّ والبطولة والمجد والرفعة، ولتفخر فلسطين وشعبها بك وقد أصبحت نموذجًا يُحتذى به في الجهاد والمقاومة والتحدي والثبات.
وأمام هذا البطل الذي أحيا شعبًا بأكمله وأوقد نارًا للثورة المُقدّسة، نُؤكّد بأنّ الاحتلال لن يستطيع إخماد الانتفاضة المُشتعلة في نابلس وجنين والقدس ولو حشد لها كلّ مُقدّرات كيانه الزائل بإذن الله، فقد ولّى عهد الخضوع والركوع للمحتل، وهذا ما أثبته الشهيد عدي التميمي، ابن مخيم شعفاط، في تنفيذه لِعمليتي حاجز شعفاط ومعاليه أدوميم بفارق أيام معدودة( أحد عشر يومًا) لكنّها كانت ثقيلة على أجهزة العدو الصهيوني، ولا تزال مؤلمة ومُوجعة، تلك الأيام كلّفتهم دفع فاتورة الحساب أضعافًا مضاعفة، كيف لا والمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسّام قد قالت كلمتها في قلب مدينة القدس والضفة الغربية وخطّت ملامحها بالرصاص والبندقية.
ومن الجدير ذكره بأنّ البطل الثائر عدي التميمي كان قد كتب منشورًا له عبر صفحته على فيس بوك قال فيه: “لم ولن نخشى عواقب أي شيء، الويل لمن يعتقد أننا انتهينا”. وبالفعل حصد العدو وقواته المُدجَّجة بأعتى أنواع الأسلحة الويل والهلاك بِحصارهم للمُطارِد الشهيد عدي التميمي، والذي برهن صحة القول العملية الثانية التي نفّذها واشتباكه الأخير من نقطة صفر، صفع فيها العدو على وجهه مرّةً أخرى، وقاتل حتى النفس الأخير لم يستسلم؛ بل بقي مُصوِّبًا سلاحه على الجنود رُغم تلقّيه زخات الرصاص من كل حدب وصوب، وهذا من شأنه أن يُربك حسابات الاحتلال في ظل ثورة الشباب المُنتفض والمجموعات المُسلّحة من ضمنها عرين الأسود، والتي لم تعد تخشى المُواجهة مع قوات الاحتلال الصهيوني من نقطة صفر.