في الوقت الذي كانت جماهير شعبنا تشيع ثلة من أبنائها البررة الذين تم اغتيالهم بواسطة الاحتلال، صدر قرار بقانون ينص على حل مجلس نقابة الأطباء المنتخب، الذي لم يمر على انتخابه سوى بضعة أشهر (حيث خسر الحزب الحاكم الانتخابات)، مما يدفعنا للتساؤل حول التوقيت “العبقري” لهذا القرار!، والبحث في دلالاته.
يجب الإشارة إلى أن مسلسل التجاوز بحق العمل النقابي لم يبدأ بالقرار الحالي، فعلى سبيل المثال آخر انتخابات لنقابة الصيادلة (والتي فاز بها الحزب الحاكم) كانت قبل حوالي عقد من الزمن، وحتى اللحظة لم يتم إجراء انتخابات جديدة بذرائع واهية. في العام الماضي تطور الأمر من عدم إجراء الانتخابات إلى حل مجالس منتخبة، من خلال حل مجلس نقابة أطباء الأسنان، ورغم أن المجلس يسيطر عليه الحزب الحاكم، إلا أن انتهاء مدة ولايته، وخشية الحزب الحاكم من خسارة الانتخابات دفعت صانع القرار لحل المجلس، وتعيين هيئة أخرى لإدارة النقابة حتى إجراء الانتخابات (وحتى اللحظة لم تجرى)، بعد ذلك كانت هنالك محاولة للالتفاف على إرادة المحامين من خلال السعي لعمل “انقلاب” أبيض على نقيب المحامين الحالي (رغم انه محسوب على الحزب الحاكم)، وذلك في خضم نضال النقابة ضد بعض المراسيم الرئاسية التي تعزز تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، (لكن الانقلاب فشل).
إذاً؛ القضية لا تتعلق بنقابة الأطباء فقط، وإنما عبارة عن نهج للقيادة الحالية يقوم على على رفض وعزل المخالف حتى لو كان من الحزب الحاكم نفسه (ناصر القدوة كمثال)؛ وهذا مؤشر خطير، إذ كيف لهذه القيادة أن تدعو لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وحكومة وحدة وطنية، وهي تضيق ذرعاً بمجلس نقابي منتخب لأنه لا يوافق سياساتها، يعمل في مجال محدود متعلق بمطالب مهنية لقطاع الأطباء، هل مثل هذه القيادة ستتحمل وجود مجلس تشريعي (مثلاً) فيه أغلبية معارضة!!
في ظني إذا مر قرار حل نقابة الأطباء ستكون الخطوة التالية هي استسهال حل أي مجلس منتخب لا يوافق هوى الحاكم، وسيتبع ذلك حل مجلس نقابة المهندسين وربما المحامين.
حتى نختصر الطريق؛لماذا لا تصدر القيادة الحالية مرسوم بتحويل السلطة الحالية إلى النظام الملكي، حيث الملك هو مصدر السلطات جميعاً، أو نظام الحزب الحاكم الواحد الأحد.