نابلس-
توافق اليوم الذكرى السنوية الواحدة وعشرين لاستشهاد المجاهد القسامي محمد يوسف ريحان من مدينة نابلس، والذي ارتقى في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر لعام 2001، بعد اشتباكٍ مسلح مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي حاصرت منزله.
ولد شهيدنا محمد في الحادي عشر من شهر شباط/ فبراير 1976، ودرس حتى مرحلة الثانوية العامة في مدارس بلدته “تل” الواقعة جنوب غرب مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، ثم التحق بالعمل مع والده في مجال البناء، وتزوج عام 1997 من فتاة كريمة أنجب منها ابنه الوحيد “مؤمن”.
وينتمني محمد لعائلة نذرت نفسها وأبناءها في سبيل الله ودفاعا عن ثرى الوطن المحتل، دون أن تفت في عضدها المحن والمطاردات والتهديدات والاغتيالات وهدم المنزل وحلقات الاعتقال المتكررة، والتي لم تتوقف سواء من الاحتلال أو أعوانه من أجهزة السلطة.
صاحب قوة وعزيمة
نشأ محمد على حب الله والدين، والتحق منذ نعومة أظفاره بالمساجد وبحلقات تحفيظ القرآن الكريم، وكان مثالاً للأدب والأخلاق والتواضع والحياء، وكان صاحب قوة وعزيمة وشجاعة وإقدام، واتسم ببشاشة وجهه وحبه لأهله وإخوانه، وكان يدخل على أهل بيته المرح والسرور، ويُذهب عنهم الأحزان والهموم.
كان شهيدنا القسامي لا يفكر إلا في الجهاد في سبيل الله والاستشهاد لنيل مرضاة الله، وحياته كلها كانت تدور حول ذلك، في نومه واستيقاظه وغدوه ورواحه، بل حتى دعابته ومرحه.
وتعرض للاعتقال على يد جنود الاحتلال عام 1998، وعصبّوا عينيه وشدّوا الوثاق حول يديه ونقلوه للتحقيق معه في ساحة إحدى مدارس القرية، ونجح محمد في فك وثاق يديه في غمرة انشغال جنود الاحتلال بالتحقيق مع غيره، وانسحب من بينهم رغم انتشارهم في كل جنبات القرية، دون أن يتمكنوا من اعتقاله أو الوصول إليه.
المطاردة والتضحية
عقب هذه الحادثة أصبح شهيدنا القسامي مطارداً لقوات الاحتلال، التي جنّ جنونها بعد تمكنه من الانسحاب من بين أيديهم، لكن أجهزة السلطة تمكنت من اعتقال محمد بعد خمسة أيام فقط من مطاردته، وزجته في سجن الجنيد بمدينة نابلس لمدة 30 شهراً.
وعقب خروج محمد من سجون السلطة تزامناً مع اندلاع انتفاضة الأقصى، أصبح مطارداً للاحتلال والسلطة وظل في ساحات الوغى بانتظار الشهادة التي تحققت بعد 6 أشهر من خروجه من سجون السلطة.
وتميز محمد بإخلاصه الشديد وتضحيته اللامحدودة، وتميز بكتمانه وسريته في كل مراحل جهاده، فالاحتلال الصهيوني يتهمه بالمشاركة في خلية قسامية في بلدة “تل” كان يقودها الشهيد القسامي القائد نصر الدين عصيدة، والمسؤولة عن قتل اثنين من المستوطنين قرب نابلس خلال التسعينيات.
موعد الشهادة
عند فجر الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2001، سمع أم محمد صوت حركة غريبة في محيط المنزل، فأطلت من النافذة فإذا جنود الاحتلال ينتشرون بأعداد كبيرة ويأخذون وضع الاستعداد لمحاصرة المنزل، فعادت على الفور وأخبرت محمد.
وفور معرفة شهيدنا القسامي بمحاصرة الاحتلال لمنزله، هبّ من مكانه بكل سرعة وامتشق سلاحه وخرج مسرعاً دون أن يودع أحداً من أفراد عائلته، ثم بدأ بالتكبير بصوتٍ عالٍ، وشرع بإطلاق النار على جنود الاحتلال من مسافة صفر.
واستمر القسامي محمد في اشتباكه مع قوات الاحتلال لمدة 15 دقيقة قبل استشهاده، ونجح في مباغتة جنود الاحتلال وبادرهم بإطلاق النار أثناء انتشارهم في محيط المنزل، وهو الأمر الذي أدى إلى إيقاع خسائر محققة في صفوفهم.
كرامات الشهيد
رغم محاولة قوات الاحتلال إخفاء خسائرها في صفوف جنودها، إلا أن زوجة الشهيد تؤكد أنهم شاهدوا دماء غزيرة في ساحة المواجهة بعد انسحاب الاحتلال من البلدة، كما أكد لها شهود العيان من الجيران أنهم شاهدوا قوات الاحتلال تنقل عبر سيارات الإسعاف 7 جنود ما بين قتيل وجريح.
ومن كرامات شهيدنا محمد ريحان، أنه بعد مئة يوم من استشهاده، وتحديداً يوم استشهاد رفيق دربه ياسر عصيدة، كان الجميع على موعد مع بناء الضريح الذي كان وصية الشهداء للدفن بجوار بعضهما البعض، وكانت المفاجأة بأن محمد كان نائماً والعرق يتصبب من على جبينه ودمه طري كأنه ينزل من لحظته ورائحة المسك الطيب التي سبقت فتح اللحد تملأ المقبرة وشعر لحيته قد طال كثيراً عن الحالة التي دفن بها”.