بعكس ما كان سائدًا في الأيام الأولى التي تلت إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة عقب حصول نتنياهو ومعسكر اليمين على 64 عضو كنيست، يؤمّنون شبكة أمان برلمانية كفيلة بتشكيل حكومته السادسة، فإن المعطيات التي ظهرت في الأيام الماضية كشفت عن عقبات كأداء تحول دون تحقق هذا الحلم بسبب الخلافات المتزايدة بين أعضاء الائتلاف الحكومي المحتمل.
هذا يعني أن نتنياهو الذي توقع مخطئًا أن تؤمّن له أغلبيته البرلمانية المريحة تشكيل حكومته بأريحية، بات يواجه جملة قضايا وتحديات تصيبه بالصداع، وهو ما كشفت عنه المفاوضات الائتلافية المبكرة مع شركائه الفاشيين، ما ينبئ بإمكانية حدوث تصادم مباشر بينهم، خاصة في ضوء المطالب التي لا يترددون في إعلانها، سواء تولي إيتمار بن غفير وزارة الأمن الداخلي، وسعي بيتسلئيل سموتريتش لتنصيبه وزيرا للحرب، وتطلع الحاخام أرييه درعي لنيل حقيبة المالية.
تشير هذه المطالب إلى أن اشتراك قوى اليمين الائتلافي في رؤى سياسية مشتركة، لا يلغي خلافاتها الحزبية، كل على حدة، من حيث تطلعها الأحادي لنيل أكبر وأفضل المواقع الوزارية في الحكومة المقبلة، ما يعني نشوب جملة صراعات متكررة، وتباينات في قضايا سياسية وأمنية ستكون في قلب الجدل، خاصة وأن نتنياهو في ائتلافه الموعود ليس لديه من يستطيع تسويقه في المجتمع الدولي، مثل تسيبي ليفني وإيهود باراك ويائير لابيد وبيني غانتس.
صحيح أن ذروة الخلافات تتمثل في تنصيب ابن غفير وزيرا للأمن الداخلي في ضوء ما أثاره من ردود فعل محلية وإقليمية ودولية، لكن الخطورة على نتنياهو أن تنصيبه لا يمثل تهديدا خارجيا، بل داخليا أيضا لأنه يضع مسألة اقتحامات المسجد الأقصى على صدارة أجندته السياسية، ما سيعني نشوب صدام مع الأرثوذكس المتطرفين الذين يرون في هذه الاقتحامات خيانة للشريعة اليهودية.
ليس ذلك فحسب، بل إن الخلافات تصل المسألة القانونية، ومساعي نتنياهو لسن قانون فرنسي يلغي بأثر رجعي محاكمته، في حين يطالب سموتريش بتغيير جريمة الاحتيال وخيانة الأمانة، أما حزب الليكود فيعتزم توسيع القانون النرويجي، وهذه مسائل ثلاث تلقي بظلالها على زيادة شقة الخلاف بين الشركاء المحتملين.
أخيرا فإن نتنياهو القادر دائما على تدوير الزوايا فيما يتعلق بتنصيب شركائه في مواقع وزارية، قد لا يستطيع هذه المرة القيام بذات الدور، خاصة بعد أن تلقى سموتريتش دعم الحاخامات للإصرار على حقيبة الحرب، رغم وصف الجنرال المرموق عاموس غلعاد لإمكانية تعيينه بأنه يعني “كارثة قومية”، وفي الوقت ذاته رؤية عدد من قادة الليكود لأنفسهم الأجدر بتولي هذا المنصب الحساس، رغم أن نتنياهو يعد نفسه “سيد الأمن”، بغض النظر عن هوية الوزير القادم!