قد يقدم المجتمع الدولي رغيف خبز لبلاد ضربها القحط، وقد يقدم بعض مساعدات إنسانية لبلاد هاجمتها الأعاصير والزلازل، وقد يقدم بعض المشاريع والمساعدات العينية في مناطق معينة، ولغايات سياسية، ولكن المجتمع الدولي لا يقدم دولاً للشعوب المستضعفة، ولا يدافع المجتمع الدولي بماله ورجاله عن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال.
على أرض فلسطين عدوان إسرائيلي فاجر، واحتلال يستبد بحياة الشعب، وللاحتلال إفرازات تلوث وجه المنطقة، وممارسات تستفز الكائنات الحية، ومع ذلك، تقف قيادة السلطة موقف المتفرج من تواصل العدوان الإسرائيلي، قيادة السلطة تغلق على نفسها باب الفعل، وتنكمش على صياغة الجمل نفسها، التي تطالب المجتمع الدولي بالتدخل، واتخاذ موقف، والتحرك السريع والعاجل لوقف العدوان الإسرائيلي.
فهل سيستمع المجتمع الدولي لمناشدة قيادة السلطة؟ ويتحرك فعلياً لوقف العدوان؟ والأهم من ذلك؛ هل للمجتمع الدولي القدرة والرغبة في وقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني منذ 74 سنة؟
أشك في ذلك، ويتشكك في ذلك كل الشعب الفلسطيني، ولا يؤمن بذلك قادة الأحزاب الإسرائيلية وهم يتنافسون فيما بينهم على التطرف، وينشغلون بتشكيل حكومة إسرائيلية مبنية على عدوان أكثر، غير آبهين بالمجتمع الدولي، إنهم يتنافسون فيما بينهم علانية، ودون خوف أو وجل، إنها يتسابقون على إشهار السكين لذبح الفلسطينيين، وإقامة مستوطنات أكثر، وحواجز على الطرق أكثر، وتسهيل أوامر إطلاق النار، والمزيد من الحصار، ومصادرة الأراضي، بل وضم الضفة الغربية بعد تشريد معظم سكانها.
هذه هي حقيقة المشهد الذي يضم أحزابا تريد أن تشعل فتيل القتل والدمار، دون أن تفكر بالمجتمع الدولي، ودون أن تعمل حسابًا لغضب أمريكا أو رضاها، فأين يقع كلام المسؤولين الفلسطينيين في رام الله من هذه الحقائق، وبأي منطق يطالبون المجتمع الدولي بالتدخل، ورفض السياسة الإسرائيلية العدوانية، وهم يغلقون على شعبهم أبواب الفعل، هم يعرفون عجز المجتمع الدولي مدار عشرات السنين.
الأوطان لا تحررها الشعارات، ولا تستردها المناشدات، الأوطان تنتصر بالمجتمع الدولي بعد أن تتحرك، وتفرض معادلات جديدة على الأرض، دون ذلك، فمناشدة المجتمع الدولي أكذوبة العاجزين، والعارفين أن المجتمع لن يتجاوز بيانات الشجب والإدانة، وهذا ما يدركه المجتمع الإسرائيلي الذي انتخب قيادته المتطرفة، على ضوء برامجها الاستيطانية، ومخططاتها العدوانية، دون الاكتراث للمجتمع الدولي.