توافق اليوم الذكرى السنوية التاسعة عشر لاستشهاد القائد القسامي صالح محمود تلاحمة من دورا بمحافظة الخليل، والذي ارتقى بتاريخ 01/12/2003 خلال اشتباكٍ مسلح مع قوات الاحتلال، برفقة الشهيدين سيد عبد الكريم شيخ قاسم وحسنين رمانة.
ولد الشهيد صالح تلاحمة في الرابع وعشرين من نيسان/ أبريل لعام 1966 في دوار، وانتقلت عائلته للعيش في قرية البرج التي تبعد حوالي 15 كيلو متر إلى الجنوب الغربي لمدينة دورا، وقرية البرج هي واحدة من أصل (99) قرية وخربة تتبع مدينة دورا، حيث كانت تنتشر فيها الكهوف والمغائر ثم تكاثر العمران حولها، حتى أصبحت قرية صغيرة والعديد منها يطلق عليه اسم (خربة).
درس تلاحمة المرحلة الابتدائية في قرية البرج، ثم انتقل إلى مدينة دورا وتلقى تعليمه الأساسي والثانوي، وكان متفوقاً في دراسته ومحافظاً على ترتيبه الأول على صفه، وظل كذلك حتى الثانوية العامة وحصل فيها على معدل 92 بالمئة بالفرع العلمي.
حصل أيضاً على منحة دراسية في روسيا، لكن والدته رفضت ذلك، وطلبت منه الدراسة في جامعة بير زيت، كونه الوحيد لأخواته الخمسة البنات.
طريق والده
كان والد صالح من خيرة أبناء مدينة دورا وأبناء قرية البرج، وكان رحمه الله يعمل إماماً لمسجد البرج، ويعتبر من رعيل الإخوان المسلمين الأول، وقد كان متدينا يساهم في حالات الإصلاح في القرية، وأعطى هذا الموروث العظيم لابنه صالح ولبناته.
سلك صالح نفس طريق والده منذ عام 1987 وانتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين في سن مبكرة، ثم التحق بحركة المقاومة الإسلامية حماس وانتفاضة الحجارة، ثم لحق بركب المجاهدين في كتائب الشهيد عز الدين القسام.
أبو صالح عاش عمره الذي بلغ الثمانين عاما حين وفاته متنقلا بين مدينة دورا وقرية البرج، ولكن ثمة محطة مريرة صادفت حياته، حيث عاش فترة مؤلمة من حياته خلال اعتقال صالح لدى سلطات الاحتلال والسلطة الفلسطينية والتي بلغت حوالي ست سنوات ونصف.
وكانت أشد المرحل إيلاما في حياة أبو صالح هي الفترة التي اعتقل فيها لدى السلطة الفلسطينية والتي دامت من منتصف عام 1996 وحتى عام 2000، حيث كان رحمه الله ينتقل بين سجون السلطة لمشاهدة وحيده صالح وكان في كثيرا من تلك الزيارات يرجع خائبا فيشتد ألمه وحسرته، وفي أواخر عمره أصيب بحالة من الزهايمر وفقد بصره وذاكرته التي مزقها الشوق والحنين لولده وفلذة كبده، وقد توفي أبو صالح بتاريخ 12/9/2002م.
رفيق القادة الشهدء
التقى الشهيد منذ بداية انطلاقته في العمل الجهادي بالشهيد يحيى عياش وكان رفيقه في العمل العسكري، حيث كان رفيق دراسته الجامعية في تخصص الهندسة الكهربائية، إلى جانب مرافقة الشهيد عبد الصمد احريزات وأحد أحب الشهداء إلى قلبه، حيث كانا يعملان معا في إحدى المكتبات في مدينة الخليل.
وكان صالح من رفقاء الشهيد محيي الدين الشريف المهندس رقم 2 في كتائب عز الدين القسام، بعد الشهيد يحيى عياش أسطورة العمل الجهادي العسكري، وكان ممن عملوا مع الشهيد جميل جاد الله ونشأت جبارة وهاني رواجبة، وأخيرا استمر عمله العسكري مع الشهيدان سيد عبد الكريم قاسم وحسنين رمانة والقائد القسام إبراهيم حامد، وقد أعلنت قيادة الاحتلال عن استشهادهما معه بتاريخ 1/12/2003.
تزوج صالح بتاريخ 15/11/1988، وقد اتسمت حياته بالرضا والسعادة، رغم انشغاله في دراسته بجامعة بيرزيت ثم التحاقه بالعمل في إحدى المكتبات بالخليل.
المطاردة والشهادة
جاءت فترة اعتقاله لدى سلطات الاحتلال ثم السلطة الفلسطينية، وعقب الإفراج مباشرة أصبح مطارداً لقوات الاحتلال، وداهم جيش الاحتلال منزله أكثر من مرة.
وفي صبيحة الأول من كانون الأول/ ديسمبر لعام 2003، اقتحمت قوات الاحتلال حي الشرفا بمدينة البيرة، ثم حاصرت بناية تعود لعائلة الرمحي، كان يتواجد فيها الشهيد صالح التلاحمة والشهيد سيد قاسم والشهيد حسنين رمانة، وادعت قوات الاحتلال أن القائد القسامي إبراهيم حامد كان برفقتهما.
حاولت قوات الاحتلال اعتقال المجاهدين القساميين، لكن الأسود الرابضة رفضت ذلك ودارت اشتباكات مسلحة مع جنود الاحتلال، انتهت بتفجير المنزل الذي كانوا يتواجدون فيه، ما أدى إلى استشهاد تلاحمة وقاسم ورمانة.
وتضاربت الأنباء حول استشهاد الشيخ إبراهيم حامد، وادعت الاحتلال أنها قتلته معهم، فيما أفادت المصادر الطبية أنها لم تحصل على جثته حتى الآن، وقد لاحظ بعض الشهود أن قوات الاحتلال تكتمت على جثة رابعة وأخذتها معها إلى مكان مجهول.