تمادى جيش الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، أعداد الشهداء والجرحى والأسرى في تصاعد كبير، هناك مخططات إسرائيلية للسيطرة التامة على مناطق “سي” بالاستيطان وإفراغها من السكان الفلسطينيين، وذلك بهدم البيوت والتضييق ومصادرة الأراضي، وغير ذلك من الممارسات التي من شأنها تحقيق هدف الإحلال الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948.
الحكومة في رام الله كعادتها تصدر التصريحات والتهديدات التي لا تتعدى مطالبة المجتمع الدولي بحماية الشعب الفلسطيني والانضمام إلى منظمات دولية جديدة، كما أنها تحذر من انفجار الأوضاع وفقدان السيطرة، مؤسسة رئاسة السلطة بلورت سياستها القادمة في حال استمرار الجرائم الإسرائيلية أو تشكيل حكومة متطرفة، وذلك بتوسيع المقاومة الشعبية السلمية وبمحاربة الاحتلال من خلال تأكيد الرواية الفلسطينية لإقناع المجتمع الدولي بمساندة السلطة في تطبيق اتفاقية أوسلو. أعتقد أن دولة الاحتلال لن يردعها التهديد بالمقاومة الشعبية السلمية التي لم نعد نسمع بها على أرض الواقع، ولن يرف لها جفن إذا اندلعت معركة الروايات، بل على العكس تمامًا ستكون دولة الاحتلال مطمئنة وستضيف نجاحًا جديدًا إلى نجاحاتها السابقة، إذ كان نجاحها الأول تحييد بندقية م.ت.ف وشطب الثورة من دستور الثوار القدامي، أما نجاحها الثاني فهو تحييد فاعلية منظمة التحرير سياسيًّا، ثم تحويل القضية الفلسطينية إلى معركة روايات ومظاهرات سلمية ناعمة للغاية.
دولة الاحتلال (إسرائيل) لا تولي أي اهتمام للرسائل التي تأتيها من شريكها في عملية التسوية، لأنها قادرة على التعامل معه ذاتيًّا أو من خلال الولايات المتحدة الأمريكية التي تمنع السلطة من التحرك دوليًّا، وخاصة باتجاه المحاكم الدولية، ولكن هذا لا يعني أن (إسرائيل) مطمئنة أو غير قلقة، فهي تعيش أسوأ حالاتها لأسباب متعددة، منها: الخطر الذي يشكله بنيامين نتنياهو على استقرار وأمن الكيان الإسرائيلي في سعيه إلى الإفلات من قضايا الفساد والاتهامات المتعددة التي تلاحقه، إذ إنه أحدث اضطرابات في الجيش الإسرائيلي وفي القضاء على جميع المستويات، ما ينذر بالانهيار الداخلي المبكر للكيان حسب تحذيرات أكثر من مسؤول إسرائيلي وأكثر من جهة، وخاصة الأمنية منها.
كما أن (إسرائيل) قلقة جدًّا من تصاعد أعمال المقاومة داخل الضفة الغربية، التي فشلت دولة الاحتلال في كبحها على الرغم مما اقترفته من جرائم في سبيل ذلك، وكأنها بجرائمها تصب الزيت على النار ولا تعمل على إخمادها، أما القلق الأكبر فيأتي من قطاع غزة، إذ إن كل الرسائل والإشارات التي تصدر عن غزة توحي بأن ساعة الصفر اقتربت، إذ أكدت حماس بأنها ستبعث بإشارات ثورية إلى العدو الإسرائيلي في ذكرى انطلاقتها الأسبوع القادم، وقد أكدت أنها لن تترك القدس ومقدساتنا مستباحة من قبل قطعان المستوطنين والجيش والمتطرفين وستدافع عن القضية وعن شعبنا، وقد أرسلت رسالة إلى الضفة الغربية تقول فيها: رسالتنا لأهلنا في الضفة والداخل والشتات، بأنه يوم قريب وستلتقي فيه بنادق المجاهدين في غزة مع بنادق مجاهدي المثلث والجليل والنقب، فهذا هو العهد والقسم”.