في الذكرى الـ35 لانطلاقتها، تقف قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك على رأس أولويات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قضيةً مركزيّةً تتسيّدُ مسيرتها الجهادية الطويلة، سيما في هذا الوقت الذي تتعرض فيه المدينة لأبشع حملة استيطان وتهويد ومخططات لتثبيت التقسيم الزماني والمكاني، وإكمال السيطرة على المدينة وتهجير أهلها.
تغلي القدس اليوم كالمرجل بفعل سياسات الاحتلال، وهي المحرك لانتفاضات شعبنا وأعمال المقاومة على طول الأرض الفلسطينية وعرضها، وهي بوصلة شعبنا ومقاومته، لأجلها تشتعل المعارك، ويرتقي الشهداء، وتفوح جراحات الأبطال بالمسك.
سيف القدس
شكلت معركة “سيف القدس” منتصف 2021 نقطة تحول في تاريخ القضية، حيث انخرط فيها شعبنا من رفح حتى الناقورة مرورا بغزة والضفة والرملة وعكا، ومهدت لمرحلة جديدة عاشتها القدس عام 2022.
يقول مسؤول مكتب القدس في حركة حماس هارون ناصر الدين: “سيف القدس هو الإنجاز الأكبر والأعمق أثرًا في ظل الواقع المرير التي تعيشه المدينة”، ويضيف: “أنّ مستقبل المدينة مرتبطٌ بتاريخها العريق، فهي التي هزمت الاحتلال والغزاة أكثر من ١٧ مرة على مدار التاريخ، وحاضرها العتيد يؤكد أنها لا تقبل الاحتلال الذي ستكون بداية زواله من القدس بإذن الله”.
ويؤكد ضرورة بذل جهود أكبر في سبيل حماية القدس والأقصى، ودعم صمود أهلها وتعزيز وجودهم وتثبيتهم في المدينة، خاصة مع تصاعد الهجمة الصهيونية عبر مجموعة كبيرة من السياسات العدوانية الرامية لتهويد المدينة وطرد أهلها وابعاد المرابطين منها والاستيلاء على الأقصى.
القدس في خطر
ومع كل حكومة صهيونية جديدة، تزداد هذه السياسات شراسة وعدوانية، لكن “حماس” ترصد المشهد الصهيوني بشكل عام، ولديها قراءة عميقة لما يجري فيه من أزمات وتناقضات، وانعكاساتها على الصراع معها، ولاسيما في قضية القدس والأقصى. وإزاء ذلك يقول ناصر الدين: “ردُّنا على هذه السياسات هو ردٌّ يومي بتعزيز صمود ورباط المقدسيين وتثبيتهم، وترسيخ وجودهم في المدينة، ودعمهم لمواجهة الاحتلال، فهم الأقدر على إفشال تلك السياسات”.
القدس وقود الثورة
وما يزرعه الاحتلال من اعتداءات وجرائم في القدس والأقصى يحصده نارا وغضبا في كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين، فالقدس هي بوصلة الشهداء وقبلة المقاومين الثائرين الذي هبوا لنجدتها.
يقول النائب المبعد عن مدينة القدس أحمد عطون: “إن ما يجري في مدينة القدس بحقّ مقدساتنا الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، هي حرب مفتوحة من قبل الاحتلال الإسرائيلي تجاه وجودنا ومقدساتنا”، مشيرًا إلى أن الاحتلال ينفذ سياسة تهويد ممنهجة تتفق فيها كل مؤسساته في مسابقة للزمن.
وبرأيه، فإنّ تهديدات قادة الاحتلال بتغيير الوقائع في المسجد الأقصى يعكس حالة المجتمع الإسرائيلي التي أفرزت هذا الواقع، ويضيف: “في تقديري فإن الاحتلال يرى الظروف مواتية لمواصلة تنفيذ مشاريعه في مدينة القدس؛ لأن هناك صمت عربي رسمي وتواطؤ دولي، يضعف صمود شعبنا رغم بسالته”.
لكن مكانة القدس في ضمير أبناء الأمة الإسلامية والعربية هي سر قوتها، ويخاطب ناصر الدين أهلنا في القدس والضفة قائلا: “أنتم فخر الأمة وطليعتها وعزها ورأس حربتها في مقاومة سياسات الاحتلال، عليكم تعقد الآمال، وعلى صخرة صمودكم تتحطم أطماع الاحتلال ومخططاته بتهويد المدينة وعلى رأسها المسجد الأقصى. وإذا كانت الأمة تعد جيشها لتحرير القدس، فأنتم كتيبته المتقدمة، فامضوا على بركة الله والأمة من خلفكم بكل ما تملكه من موارد وإمكانيات حتى تحرير القدس والأقصى والمقدسات، ولا يحزنكم تخاذل متخاذل فإن وعد الله بالنصر والتمكين نافذ لا محالة”.
“فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا”