1. كل أسير في سجون الاحتلال هو رواية إنسانية صادحة، وقضية قانونية رابحة، ووثيقة إدانة واضحة لهذا الاحتلال، وما زلتُ أعجب كيف لهذه القضية ألا تكون في محل الصدارة، كما أعجب أن القدس أيضاً رغم كل الزخم الذي فيها لم تحتل الصدارة في أولوياتنا العملية.
2. لقد تعددت أدواتنا في محاولة كسر قيودهم، ولم ننجح إلا في المبادلة التي تأتي عبر سيل من معاركنا الصعبة ودمائنا الغاضبة، وسبيلُها صعب طويل كما شهدنا، وهو مسار لا ينفكّ عن هذا الذي ندعو إليه هنا.
3. هذه القضية ينبغي لها أن تكون أولوية كاملة حتى لا يشعر المناضلون الباذلون أن ظهورهم مكشوفهم، وأنّ تضحياتهم مهدورة؛ وليس في تصديرها خصم على قضية أخرى أو إجحاف، فوراء كل أسيرٍ ومعه قضيةٌ كاملة تضم كل مفردات القضية وأولوياتها الأخرى واهتماماتها.
4. إن قضية الأسير هي قضية العدالة وهي قضية الحقوق وهي قضية الحرية وهي قضية القانون، وهذا يعني أنها قضية الإنسان الذي لا يقبل الظلم ولا القهر ولا الاغتصاب ولا العزل ولا الاحتلال.
5. لقد آن الأوان لأن نجعل هذه القضية بيد محترفين في الدعاية والإعلان والمرافعات والتأثير، وأن نستعين بهم في إنشاء حملة غير عادية وغير تقليدية، حملة تلو حملة، وأن نجعل من هؤلاء الأسرى قضية رأي عام دوليّ وإنسانيّ، وقضية الحرية الأولى التي تشكّل المثال الأعلى الذي يسعى كل حرّ لرؤيته متمثّلاً في الأرض بعدالة وإنسانيّة.
6. هذا لا يعني مزيد برامج تقليدية ولا مناشط تنشيطية أو فعاليات استعراضية محدودة الأثر كالتي نقوم عليها عادة، فقد جربناها ولم تعط نتيجة ولا فاعلية، وهي أشبه برفع العتب، بل تتطلب أن نجعل ذلك بأيدي خبراء محترفين في إعداد الحملات المؤثرة الخاصة والشاملة، وبمضامين فردية وجماعية تُخرج لنا قضية هذا الإنسان العظيم المحبوس في القفص، وتنتج لنا بهم سيرة الوطن الذي آثروه على أنفسهم وحريتهم.
7. وهذا يعني أن نفتح لهم الإمكانيات بأكثر مما هو مرصود ومتاح بكثير، وإن لم يتوفر ما يكفي فأن نفتح برامج التبرع الخاص والعمل التنموي والخيري والإغاثة العاجلة وبرامج درء الكوارث، وأن نفتح الدوائر على بعضها لتحقيق ذلك في تكامل وتنسيق وتعاون أو دمج، ثم نقتحم بها بوابات السينما ومنصات المؤثرين وأنماط الدعاية المحترفة، والتسويق المنظم، والمرافعات الجادة، والفنون ذات الشعبية، وتوجيه العلاقات الشخصية والدبلوماسية والعلاقات العامة والدولية نحو تحمّل مسؤولياتهم التي يدّعون أنهم يسعون لتحقيقها في عالم الإنسانية.
8. لقد آن الأوان أن نحاصر هذا الاحتلال الظالم بحكايات ظلمه ووحشيته، وقهره لحقوق البشر، واستعلائه بقدرات التدمير، وتكبّره على البشرية، ولدينا قصص غنية حافلة بالمعاناة والصمود لا تنضب.
9. هؤلاء الأسرى هم أنبل شبابنا وأشجعهم وأكرمهم، وهم جدارنا الصلب، وقلعتنا العالية وشرفنا الباذخ، ويجب أن يشعروا هم ورفاقهم وعائلاتهم أننا جميعاً معهم، ولن نتخلى عنهم.
10. وبإمكان كل واحد قادر منا أن يتخذ لنفسه أسيراً يجعل في عنقه بيعة لله ألا يدعه حتى يبذل في سبيل تحريره أقصى ما يمكنه إعذاراً إلى الله، وأداءً لواجب قصّرنا في إنجازه رغم تطاول السجن على هؤلاء الأبطال الشرفاء.