يسعى الاحتلال الإسرائيلي بحكومته الجديدة “الأكثر تطرفًا”، إلى إقرار قانون (إعدام الأسرى) الفلسطينيين، وهو أكثر القوانين خطورة إن مُرِّر وأُقِرَّ، لأن هذا القانون هو أعلى مستويات العدوان وأكثرها كارثية على الأسرى، ويمكن به تصفية الأسرى بطريقة شنيعة، والقضاء عليهم بصورة انتقامية غير مسبوقة، وهو قانون يقضي على آمال الأسرى في إمكانية تحريرهم ضمن أي صفقات مرتقبة، فضلًا عن أنه سيخلق مسوغات للعدو أمام العالم للبطش بالأسرى وقتلهم تحت مظلة القانون المزعوم، الأمر الذي يتطلب “التحرك وطنيًّا” وبصورة عاجلة لاتخاذ خطوات كفيلة بمنع الاحتلال من الاستفراد بالأسرى، وإفشال المحاولات الجارية لإقرار هذا القانون.
تأتي محاولات الاحتلال لفرض هذا القانون في ظل تصاعد العمليات الفدائية التي أدت لمقتل عشرات الجنود والمستوطنين، وفي ظل فشله الذريع في ردع الأسرى بـ”المحكوميات العالية” التي وصلت إلى عدة مؤبدات، ونجاح المقاومة في تحرير جزء كبير من الأسرى في صفقة (وفاء الأحرار)، إضافة إلى خوفه من تكرار ذات السيناريو في أي صفقة تطالب بها المقاومة، وحرصًا منه على إقفال هذا الباب وعدم الرضوخ مجددًا للمقاومة، وتفادي تقديم أي أثمانٍ محتملة، وإرضاء عائلات القتلى داخل المجتمع الصهيوني، والتغطية على الفشل الذريع في مواجهة تدفق العمليات الفدائية التي هزت صورة المستوى السياسي، ومرغت أنف المؤسسة الأمنية في التراب.
لكن الاحتلال يخطئ التقدير مجددًا بهذه الخطوة، لأن ارتداداتها ستكون كبيرة ومكلفة للغاية، فشعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة لن يسمحوا بتمرير هذا العدوان على الأسرى مهما كان الثمن، وسيفتح الاحتلال على نفسه “أبواب الجحيم” بدلًا من استعادة الأمن وردع الفلسطينين، كما أن إمكانية تفجر انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية ستكون أقرب من أي وقت مضى، وزيادة وتيرة العمليات بصورة غير مسبوقة، فضلًا عن أن ذلك سيزيد من حافزية المقاومة للمبادرة إلى تنفيذ عمليات خطف جديدة لجنود الاحتلال، وذلك (لكسر المعادلة الصهيونية) وممارسة ضغوط إضافية على قيادة الاحتلال للتراجع عن هذه الخطوة.
وإزاء هذا التطور الخطير يمكن التحرك وطنيًّا وفق الآتي:
أولًا- تدشين حملة إعلامية تشارك فيها جهات إعلامية فلسطينية وعربية وإسلامية لفضح هذه الخطوة الصهيونية وكشف مخاطرها وتداعياتها وتحشيد الرأي العام الفلسطيني والإقليمي والدولي ضدها.
ثانيًا- القيام بحراك سياسي واسع النطاق يتضمن إجراء اتصالات وإرسال برقيات وتنفيذ عدد من الزيارات تستهدف (رؤساء دول، ووزراء، وبرلمانات، وأحزاب سياسية)، وغيرها من الهيئات، على أن يكون ذلك على مستوى “إقليمي ودولي”، لوضع هذه الجهات في صورة ما يجري وإطلاعهم على المخاطر من وراء قرار الاحتلال، ودعوتهم لمساندة الأسرى في هذه المعركة الفاصلة.
ثالثًا- إطلاق حملة حقوقية تحت وسم (قانون الموت) أو (قانون الانتقام) أو (قانون المجرم)، أو ما شابه من الأسماء على أن ينضم لها عشرات المنظمات الحقوقية في فلسطين والوطن العربي والعالم الإسلامي وبعض الدول الغربية للتعريف بالقانون وتوضيح خطورته على حياة الأسرى بصورة خاصة وعلى قضيتهم بصورة عامة، على أن يُرفع عدد من المذكرات القانونية لكل الجهات القضائية الدولية للمطالبة بحماية الأسرى ووقف العدوان عليهم ومنع تمرير القانون.
رابعًا- على المستوى الشعبي يمكن عد أي إقرار للقانون (إعلانًا للحرب) على شعبنا، والرد على هذه الخطوة بإشعال انتفاضة عارمة في كل الأراضي الفلسطينية لتدفيع العدو ثمن عدوانه، ورفع كلفة هذا القرار عليه، وإجباره على التراجع تحت ضغط وغضب الجماهير الفلسطينية.
خامسًا- التحرك العسكري، وهذا مرهون بتقدير المقاومة وظروفها، والتي تقرأ العدو جيدًا وتدرك مدى خطورة اعتماد قانون إعدام الأسرى، ويمكنها من التحرك لكسر معادلة العدو وإجباره على وقف عدوانه بحق الأسرى وقد تكون مبادرتها لتنفيذ عملية خطف جديدة، إحدى أبرز وأخطر الخطوات التي يمكن أن تدفع العدو لإعادة حساباته والتراجع خطوة للوراء.