رام الله-
توافق اليوم الذكرى السنوية الثامنة عشر لاستشهاد المجاهدين القساميين وافي الشعيبي وعبد الله الديك. اللذين ارتقيا بعد اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال. التي حاصرت أحد المنازل في قرية قراوة بني زيد غرب مدينة رام الله بتاريخ 12/01/2005.
وافي الشعيبي وعبد الله الديك رفيقا رحلة طويلة حطت بهم ركابها في قبو منزل واحد. نظر أحدهم للآخر، عرفوا أن وقت المواجهة الحقيقية قد حان. نداءات متكررة، لم يكن من قبل الشابين أي استجابة. على العكس بدأوا بالهجوم من تلقاء أنفسهم على الأقل هذا ما كان يبحث عنه وافي منذ مدة. راحوا يطلقون النار باتجاه القوات المدرعة، ثم زادوهم بعبوة ناسفة.
جن جنون عشرات الجنود الذين اصطفوا على أهبة الاستعداد. علهم ينتهون من كابوس يدعى وافي الشعيبي. يطاردهم منذ أكثر من سبعة أعوام، بدأوا بالتراجع مسرعين. لحظات قليلة بعد ذلك، كان المنزل مجرد أكوام من الحجارة والقذائف. وكان وافي وعبد الله، مجرد جثتين على قارعة المكان.
في البلدة المجاورة كفر عين. الساعة قد تجاوزت العاشرة والنصف وحشد من الشبان اصطفوا على إحدى التلال المطلة على قراوة بني زيد. حتى اللحظة لم يستطع أحد تحديد هوية الشهيدين. سوى بعض الهمس باسم عبد الله الديك.
لم يفترقا منذ أعوام
عبد الباسط الشعيبي أخو الشهيد وافي كان في المكان. على الفور قال وافي هو الشهيد الثاني، لقد كانوا روح واحدة في جسدين. لم يفترقا منذ أعوام، حيثما حل عبد الله سيكون هناك وافي بالتأكيد. ومسالة استشهادهما كانت منتظرة.
بعد أقل من عشر دقائق كان الخبر على أبواب بيت أبو صافي والد الشهيد. واحد وثمانين عاما وتجربة تعايش مريرة مع زيارات الكابتن رياض وكتيبته لمنازل العائلة. كانت كفيلة بأن يكون الخبر قريبا من العادي. واستقبل نبأ استشهاد ابنه الأصغر قائلاً: “استشهد وافي وماذا في الأمر. كلنا على هذا الطريق إن شاء الله، كانت هذه أمنيته منذ سنوات. وقد نالها، الحمد لله على كل شيء”.
ولد في الثاني من شباط عام 1979، لم يكمل عامه السادس والعشرين. كانت قذائف الاحتلال أسرع إليه. منذ أكثر من سبع سنوات أصبح مطلوبا لدى قوات الاحتلال. وخلال هذه الفترة لم يعدم الاحتلال وسيلة للوصول إليه إلا واتبعتها ولكن دون جدوى. كانت لديه قدرة هائلة على التخفي والاختباء. ودائما برفقة عبد الله الديك.
العمل الجهادي
قرر وافي الانخراط في العمل الجهاد، وترك الحياة الدنيا. وتمسك بالمقاومة والاستشهاد. وبدأ التفكير في العمل الوطني منذ الانتفاضة الأولى. عندما أصيب في إحدى المواجهات مع الاحتلال برصاصة في وجهه.
سبعة أخوة وثمانية أخوات لم يستطع أحدهم إقناعه الالتفات لنفسه ومستقبله. وكان شهيدنا يقول دائماً: “هاي الحياة مش إلي”.
بدأت عمليات التنكيل بالعائلة قبل استشهاده بسنة وثلاثة أشهر. عندما اعتقل وافي في قرية قراوة بني زيد أيضا. وعندها تعرض لتعذيب قاسي أدى الى كسر في يده اليسرى. وفي السجن لم يقدم له أي نوع من العلاجات. وبعد ثلاثة أشهر، أطلق سراحه وقال له الجنود :” اذهب وتعالج في رام الله”.
بعيد الإفراج عنه بقليل، عاد الشهيد وافي لاستئناف نشاطه ضمن كتائب عز الدين القسام. كأحد القادة الميدانيين والمسؤولين عن عدة عمليات في منطقة رام الله بالتحديد. وعادت مع هذا العمل نشاطات فرقة الكابتن رياض الليلية ضد منازل العائلة. في قرية دير غسانة.
استمرت هذه الاقتحامات حتى قبل استشهاد وافي بأسبوع. في المرة الأخيرة اقتحموا منزل الوالد أبو صافي بعد فرض منع التجول المشدد على القرية. وكالعادة تم تفتيش كافة منازل العائلة بينما طرد الأطفال والنساء والرجال تحت المطر. لمدة تزيد عن الساعة.
اغتيال القساميين
كما لكل بداية نهاية. فقد طويت صفحة مجاهد قسامي لم تكن ملاحقة جنود الاحتلال ووحداته الخاصة له بالمهمة السهلة. فقد مضى على ملاحقة القساميين وافي من قبل العدو سبع سنوات. والديك أربع سنوات.
لم يكن اغتيال الشهيدين الديك والشعيبي بالصيد السهل لقوات الاحتلال. يقول أحد شهود العيان في ساعات الفجر الأولى ليوم الأربعاء. 12/1/2005 حاصرت الآليات العسكرية منزل المواطن ماجد عرار. وطلبت من أحد الجيران ان يدخل المنزل بعد ان تم إخلاؤه. ليتأكد من وجود أشخاص في داخله ويطلب منهم الاستسلام.
ولما دخل وجد المجاهدين بكامل جاهزيتهما للمواجهة. فما كانا منهما إلا أن رفضا الاستسلام. وبعد خروجه اقتحم جنود الاحتلال المنزل بعد أن أخبرهم بأنه لم يجد أحدا في داخله. فاندلعت معركة قاسية حيث باغت وافي وعبد الله الجنود بوابل من الرصاص. ما اضطر الجنود إلى الانسحاب من المكان. حيث يقول أحد المواطنين ان عددا من الجنود أخرجوا من المنزل. وهم جرحى بعد أن باغتتهم رصاصات قسامية مباشرة.
وبعد ساعات من لهيب النار المتواصل قام الصهاينة بهدم المنزل على الشهيدين. ليلتحقا بركب طويل من الشهداء الذين عملوا معهم طيلة سنوات مضت.