الكاتب علاء الأعرج
عِبرةٌ للمُصلِحين .. حين جاء رسولُ الملك يسأل الصدّيقَ الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم عن تفسير رؤيا الملك فقال:
“يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ”.
لم ينتظر الصدّيقُ المقابل، ولم يساوم على الفرج أولاً، ولم يتملكه دفع الأذى عن نفسه قبل أن يجيب وهو المظلوم، لم يفعل شيئاً من ذلك لأن الخطر المحدق بالأمة كان أكبر من أن يؤجّل أمره ويقدم أمر الفرد عليه، لقد انطلق لسانه بما علّمه الله:
“قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ”..
ثم كان فرَجٌ مدخله أداء المؤتمَن على أمة أمانته تجاهها.
ولم تكن الأمة وقتها أمة مؤمنة في عمومها، والمؤمنون قلة قليلة لا تكاد تُذكر، ورغم ذاك لم يرفع الصدّيق شعار فلتهلك القلة المؤمنة إذا كان في ذاك هلاك الكثرة الكافرة، ولم يبرر ذلك بتبرير التكفيريين: يبعثون على نياتهم، بل رأى في الكثرة الكافرة مادة الإيمان في المستقبل، وهذا هو درس القرآن من هذه اللمسة عميقة المعنى، ودعاة الإسلام أحوج الناس لها.
إن المفاصلة مع الجاهلية الحديثة على ضرورتها يجب أن لا تنسينا أنها ساحة الحرب وقت الحرب وهو الاستثناء، وساحة الدعوة وقت الدعوة وهو كل الوقت.