يومًا بعد يوم تتجلى آثار رد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على اغتيال الشهيد القيادي خضر عدنان -رحمه الله- في سجون المحتل، فقد اعترفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بنجاح حماس في تقديراتها للموقف الإسرائيلي من ردود المقاومة، فقالت الصحيفة: إن تقديرات يحيى السنوار قائد حركة حماس بغزة، ومحمد الضيف قائد الجناح العسكري للحركة، كانت صحيحة، ونجحت في تقدير الموقف بأن الرد الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ سيكون محدودًا ومختصرًا، وهذا ما حدث “حسب الصحيفة”.
إلى جانب الاعتراف الصريح للعدو بنجاح قادة حماس وكتائب القسام هناك اعتراف آخر بوحدة صف المقاومة وفشل (إسرائيل) بشقه والاستفراد بفصيل معين. رد المقاومة أثبت بما لا يدع مجالا للشك أنها مستعدة للحرب حينما تكون الخيار الوحيد الذي لا مفر من تجنبه، وأثبتت الجولة القصيرة من المواجهة العسكرية بين المقاومة في غزة والعدو الإسرائيلي، التي لم تدم سوى ساعات أن كل تهديدات العدو الإسرائيلي ذهبت أدراج الرياح، حيث نرى أن الكيان الإسرائيلي أصبح يعتاد تدريجيًا على التعايش مع الصواريخ التي تضربه بين الحين والآخر، حتى لو بلغت العشرات، وربما المئات، ونحن هنا نتحدث عن تعايش إسرائيلي في ظل أكثر الحكومات الإسرائيلية إرهابا في تاريخ الكيان، وهذا يؤكد أن المعادلة التي رسختها معركة سيف القدس قد تعززت، وهي أن سلاح المقاومة في غزة إنما للدفاع عن كل الفلسطينيين وأن الرد لن يتأخر سواء لنصرة المسرى والمقدسات أو لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال أو لنصرة الشعب الفلسطيني في المواقف التي يحتاج فيها إلى تدخل عسكري من جانب مقاومته.
ومن الآثار العميقة للرد القصير والصاعق للمقاومة على جريمة اغتيال (إسرائيل) للشهيد خضر عدنان رحمه الله وما سبق ذلك من جرائم ضد المقدسات والمرابطين في الأقصى هو انكشاف عورة العدو وانكشاف ارتباكه وتخبطه، فـ”بن غفير” أغلق هاتفه وقرر مقاطعة جلسات الكنيست لأن نتنياهو لم يسمح بمشاركته في جلسة الكابينت المصغر للرد على صواريخ المقاومة، ولم يعجبه الرد “الضعيف” والاكتفاء بضربات محدودة جدا، كما أن آخر استطلاع للرأي داخل الكيان الإسرائيلي أظهر هبوطا في شعبية الحكومة الإسرائيلية، هناك مؤشرات على تجاهل بن غفير وربما تتم إعادة تشكيل الحكومة الإسرائيلية دون حزبه، وربما تسقط الحكومة وتدخل (إسرائيل) من جديد في دوامة الانتخابات.
من جانب العدو هناك من استوعب الدرس ولكن هناك من يمنعه غباؤه عن استيعابه، حيث يقترح بعض الأغبياء ضرورة اللجوء لاغتيال قادة من فصائل المقاومة ما دام الجيش الإسرائيلي فشل في منع صواريخ المقاومة وإلحاق الهزيمة بالفصائل الفلسطينية المقاومة، وهو كالذي يقترح إرسال مضخات بنزين لإطفاء حريق عجز عن إطفائه الدفاع المدني.
ختاما أقول وأكرر أن رد المقاومة الأخير بعشرات الصواريخ على جريمة ارتكبها العدو الأسرائيلي يعني دون شك أنها مستعدة للحرب حتى لو تأخر ردها، ولذلك لا داعي للكتاب والمحللين ونشطاء مواقع التواصل أن يشغلوا الشارع الفلسطيني بأفكارهم وتحليلاتهم ومطالباتهم بتحرك المقاومة، فالمقاومة في قطاع غزة إذا تدخلت فيعني أن حربا قد تندلع، ولذلك هي لا تخوض حربا كرد فعل متعجل، وكذلك لا تدخلها بضغط من المحللين والكتاب أو حتى من نشطاء الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي.