توافق اليوم الذكرى السنوية ال21 لاستشهاد المهندس القسامي الرابع مهند الطاهر ورفيق دربه القائد الميداني عماد الدين دروزة من نابلس، بعد محاصرتهما من قبل قوات كبيرة من الاحتلال، وخوضهما اشتباكا مسلحا استمر 3 ساعات متواصلة أدى لمقتل وإصابة عدد من الجنود، ثم ارتقيا شهداء.
الطاهر.. المهندس الرابع
يعدّ الشهيد مهند الطاهر الذي ولد بتاريخ 5/2/1976م في حي كروم عاشور بمنطقة خلة العامود بمدينة نابلس، من القساميين المخضرمين في الضفة، فقد بدأ عمله في كتائب القسام منذ العام 1997 مع ثلة من القادة القساميين البارزين، أمثال الشهيد القائد محمود أبو هنود والشهيد القائد يوسف السركجي.
لقب الطاهر بالمهندس الرابع بالرغم من أن المهندسين الثلاثة السابقين: يحيى عياش، ومحيي الدين الشريف، وأيمن حلاوة، كانوا قد درسوا الهندسة الكهربائية، في حين أنه درس بكلية الشريعة في جامعة النجاح
تميز الطاهر في العمل العسكري؛ جعله يستحق هذا اللقب الرفيع، حيث وقف خلف العديد من العمليات الاستشهادية التي أوجعت الاحتلال، وأجبرت “شارون” على وصفه بآلة الموت المتحركة.
بدأ الطاهر عمله بكتائب القسام بعدة عمليات استشهادية في القدس، (عمليتي سوق محني يهودا وشارع بن يهودا عام 1997)، وختم عمله بعملية استشهادية في مستوطنة “جيلو” قرب القدس قبل استشهاده بأسبوع، نفذها الاستشهادي محمد الغول وقتل فيها نحو 20 مستوطنا بينهم جنود.
وعلى إثر سلسلة العمليات الاستشهادية عام 97، وقع الطاهر بقبضة أجهزة أمن السلطة التي أخضعته للتحقيق القاسي والعنيف في سجن أريحا، ثم نقل إلى سجن جنيد في نابلس، ومكث فيه نحو ثلاث سنوات رهن الاعتقال السياسي، إلى أن نال حريته إثر اندلاع انتفاضة الأقصى.
نجا الطاهر من محاولتي اغتيال، الأولى عندما كان من المقرر أن يرافق الشهيد أبو هنود ليلة استشهاده عام 2001، والثانية عندما حاصرت قوات الاحتلال بناية كان يتحصن بداخلها في شارع غرناطة وسط نابلس عام 2002، وتمكن من الإفلات.
القائد عماد الدين دروزة
ولد الشهيد عماد الدين دروزة، يوم الجمعة الموافق 3/9/1965م، فكان سليل عائلة مجاهدة، قدمت وضحت وبذلت الكثير في طريق مقاومتها للاحتلال، فوالده الحاج نور الدين دروزة أحد الدعاة المعروفين الذين تتلمذ العشرات من الشباب على يديه في دروس تجويد القرآن التي يلقيها في عدد من مساجد نابلس، كما أنه أحد رجالات الإصلاح المشهورين.
أما أشقاؤه الثلاثة، فهم ضياء الدين والذي أمضى في سجون الاحتلال 5 سنوات بتهمة الانتماء إلى كتائب القسام، وبهاء الدين الذي أمضى أيضا في سجون الاحتلال أكثر من عامين بالاعتقال الإداري، والشهيد القائد صلاح الدين دروزة الذي اعتقل في سجون الاحتلال والسلطة مرات عديدة، وهو أحد المبعدين إلى مرج الزهور عام 1994 وكان ممثل حركة حماس في لجنة التنسيق الفصائلي في نابلس، واستشهد بقصف سيارته بتاريخ 25/7/2001.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى شارك دروزة في نشاطات “حماس”، وكان من المنظمين والمشرفين على بعضها، وبعد استشهاد شقيقه القائد صلاح الدين دروزة (أبو النور)، انضم عماد لكتائب القسام وقطع العهد على نفسه أن يجاهد ويثخن الجراح في قوات الاحتلال حتى يكرمه الله بالشهادة.
وما أن اقتحمت قوات الاحتلال مدينة نابلس ضمن عملية “السور الواقي” في شهر نيسان عام 2002، كان منزل عائلته الكائن في حي واد التفاح غرب مدينة نابلس عرضة لمداهمة قوات الاحتلال التي فشلت في اعتقاله نتيجة غيابه عن منزله واختفائه عن الأنظار، فعاودت مرة ثانية ومرة ثالثة لاعتقاله دون جدوى.
وفي إحدى المرات وخلال مطاردته اقتحمت قوات كبيرة من الاحتلال أحد المنازل بعد ورود معلومات استخبارية من العملاء تفيد بتواجد دروزة وعدد من المجاهدين الخطيرين في المنزل، حيث تحصن المجاهدون في “سدة صغيرة” بالمنزل وجهزوا أنفسهم للشهادة في حال اكتشاف أمرهم.
وبعد أكثر من ثلاث ساعات من التفتيش الدقيق في المنزل، ارتدت قوات الاحتلال خائبة ليواصلوا مسيرة الجهاد.
اشتباك وشهادة
بعد نحو أسبوعين من عملية “جيلو” الاستشهادية التي خطط لها وصنع عبواتها مهند الطاهر والتي نفذها الاستشهادي القسامي محمد الغول في القدس وأدت إلى قتْل 20 مستوطناً وإصابة أكثر من 100 آخرين، تلقت استخبارات الاحتلال معلومات من العملاء عن تواجد الشهيدين الطاهر ودروزة، بمنزل في منطقة المساكن الشعبية شرقي مدينة نابلس كانا يتحصنان فيه.
وحاصرت قوات كبيرة من قوات الاحتلال القائدين القساميين، لكنهما رفضا تسليم نفسيهما، وخاضا معركة جهادية شرسة، صب الاحتلال فيها حمم صواريخه وقذائفه عليهم، فثبتا حتى لقيا ربهما شهداء بعد أن قتلا 3 من ضباط العدو وجرحا آخرين.