الضفة الغربية–
توافق اليوم الذكرى الـ30 لاستشهاد القائدين القساميين ماهر أبو سرور ومحمد الهندي، بعد عملية اختطاف الحافلة رقم (25) الخاصة بموظفي حكومة الاحتلال بمدينة القدس المحتلة، وكانت تقل 100 مستوطن.
ماهر أبو سرور
ولد الشهيد أبو سرور سنة 1971م وسط أسرة فلسطينية بمخيم عايدة في بيت لحم، وقد تميزت أسرته بالتدين، والتزم بدعوة الإخوان المسلمين، وهو في عمر خمسة عشر عاماً.
شارك منذ بدايات العمل الإسلامي على مستوى الفني في الفرقة الإسلامية التابعة لفرقة الإنشاد في مسجد أبو بكر “مخيم عايدة ” والتي أحيت العديد من الأعراس في المنطقة.
كان أبو سرور أول من سعى لإقامة مكتبة في المسجد، يستفيد منها الصغار والكبار وتقام بها الدورات والحلقات، فوقف على أبواب المساجد يجمع القرش على القرش حتى كانت المكتبة وأصبح الحلم حقيقة، فأثثها وملأها بالكتب والمجلدات.
تميز أبو سرور في المواجهات اليومية التي كان يقودها شباب حماس، وفي حسن تخطيطه للكمائن والأشراك التي تنصب لعربات قوات الاحتلال، فكان قائداً ميدانياً بحق.
بقي أبو سرور مطلوباً لسلطات الاحتلال أكثر من خمسة أشهر، وكان مما يساعده على التملص منهم أن له اسماً معروفاً هو “حمزة ” أما ماهر فلم يكن يعرفه الناس، إلا بعد اعتقاله الأول بتاريخ 26/ 6/ 1989م، وقد بقي الاحتلال يبحث عن حمزة، وأكثر من عشرة مرات يلتقي به جنود الاحتلال فيطلبون هويته ومن ثم يتركونه.
وبعد أن نجحت خلية الأسير القسامي المقدسي محمود عيسى، باختطاف الضابط الإسرائيلي “نسيم توليدانو” وقتله قرب مدينة اللد يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول 1992، تمكن أبو سرور بعد جهد وتخطيط طويلين، من اختراق جهاز مخابرات الاحتلال “الشاباك” وقتل الضابط “حايم خماني” الملقب “عفيف” واغتنام مسدسه وحقيبته التي كانت تضم خططا وأسماءً لعملاء الاحتلال، فكانت هدية عظيمة لإخوانه، وصدمة كالصاعقة لقادة الاحتلال أظهرت عجزهم وكشفت غبائهم.
محمد الهندي
كان محمد أحمد حسن الهندي ابن الـ20 ربيعاً يقفز من موقع لآخر لوضع اللمسات الأخيرة لحفل “الفتوحات الإسلامية”، الذي تقيمه الكتلة الإسلامية والذي كان أحد أبرز أعضائها في جامعة الأزهر بغزة، إذ كان أحد طلاب قسم الرياضيات فيها.
وبينما اعتلى الهندي خشبة المسرح ليمثل دور البطولة في مسرحية مقتل “حاييم نحماني”، ويجسد شخصية البطل ماهر سرور الذي قتل “نحماني” في القدس؛ لم يكن يعرفه حينها أبو سرور أو التقاه من قبل، ولكن قدر الله يقود “محمد وماهر” إلى نهاية مشتركة عزيزة شامخة، فبعد أيام من المشهد التمثيلي الذي مثّل فيه محمد دور ماهر، يشارك “محمد وماهر وصلاح عثمان” في مشهد بطولي حقيقي.
تفاصيل العملية
في مطلع شهر يوليو تموز من عام 1993م، تمكن القسام من تنفيذ أول عملية أسر جماعي طال 100 مستوطن بينهم جنود داخل حافلة ركاب في منطقة التل الفرنسية بمدينة القدس المحتلة، جعلت رئيس حكومة الاحتلال آن ذاك “رابين” يعترف بأنهم أصبحوا يمرون بمرحلة خطيرة وغير آمنيين لاسيما وأنها نفذت أمام أكبر مقر أمني لهم “مقر قوات الاحتلال”.
الشهيد ماهر سرور، الشهيد محمد الهندي، الاستشهادي صلاح عثمان -الذي توفي لاحقا-، كانوا أبطال هذه العملية التي أسفرت عن مقتل وجرح العديد من المستوطنين.
كان دور الشهيد محمد الهندي شخصية رجل أعمال يحمل حقيبة يد، وماهر أبو سرور شخصية جندي إسرائيلي وكان يتقن العبرية، وصلاح عثمان طالب جامعة، وكان هناك الشباب من مجموعة القدس قد جهزوا الملابس التي تليق بكل شخصية وجهزوا أيضا الشقة التي سننزل فيها ليلة العملية.
موعد العملية الساعة 7 صباحا خرج المجاهدون مع غروب الشمس ووصلوا إلى غربي القدس الساعة 10 مساء وانتظروا حتى الصباح، ووضعوا خطة باختطاف الحافلة المليئة بالجنود والمستوطنين إلى جنوب لبنان”.
جلس ماهر عند الباب الأمامي ومحمد الهندي جلس في منتصف الباص، فقام ماهر أبو سرور وأظهر سلاحه وهي “ام 16” وبدأ يطلق النار في الحافلة وقال بالعبرية “مختطفاه”، وكانت شرطة الاحتلال حاصرت الحافلة فقام سائق الحافلة بالاصطدام في جزيرة في الشارع وعلق الحافلة فوق الجزيرة، فأنا أصبت من عدة اتجاهات في كتفي ورأسي وقدمي وظهري وبعدها دخلت في حالة غيبوبة”.
مطاردة وشهادة
قفز ماهر أبو سرور ومحمد الهندي من الحافلة، وأوقفا سيارة تقودها مجندة، وركبا معها تحت تهديد السلاح وانطلقا صوب مدينة بيت لحم وبدأت عملية المطاردة من عشرات المركبات العسكرية خلف المجاهدين تقودهم وتوجههم طائرة مروحية من الجو.
اشتد إطلاق النار من المروحيات وجنود العدو المتمركزين على الحاجز القريب من مدينة بيت لحم، فانفجرت القنابل التي كانت بحوزة المجاهدين ما أدى لانفجار السيارة واستشهادهما، ومقتل المجندة.