توافق اليوم الذكرى السنوية الثانية وعشرين لاغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي للشهيد القسامي عامر منصور الحضيري من طولكرم، بعد قصف طائرات الأباتشي سيارته في 05 آب/ أغسطس لعام 2001.
ولد شهيدنا عامر ظهر يوم الثلاثاء الموافق 25/04/1978 في مستشفى مدينة طولكرم، ونشأ وترعرع في بيت إسلامي ومليء وعامر بالإيمان، ولازم والده في الذهاب للصلاة في المسجد مع شقيقه الأكبر علي منذ سن الرابعة والنصف.
درس عامر الابتدائية في مدرستي طه حسين وأجنادين، قبل أن ينتقل في المرحلة الإعدادية إلى مدرسة الأصمعي، ومن ثم المدرسة الفاضلية للثانوية، وأنهى التوجيهي بنجاح عام 1997، والتحق بجامعة الخليل في كلية الإدارة والريادة، ثم التحق بجامعة القدس المفتوحة عام 1998 لدراسة نفس التخصص، وأنهى ثلاث مستويات قبل اغتياله واستشهاده.
كان عامر نشيطاً وكثير الحركة ولا يعرف الكلل أو الملل ومن المتفوقين في دراسته، وبدأ يهتم بالذهاب إلى المسجد والانخراط في نشاطات أشباب المساجد منذ الصغر، والتحق بدورة تجويد في مسجد عمر بن الخطاب بطولكرم، ولكن لم يسمح له بالانتظام لصغر سنه، وتم تسجيله في الأعوام اللاحقة، فصحل على شهادة التجوير عام 1994.
رضى الوالدين
في المرحلة الثانوية أصبح من شباب المسجد النشيطين في كل المجالات، وانتظم في دورات الكاراتيه، وحصلة عام 1996 على رخصة سياقة، وتعلم مهنة الدهان وكان يعمل بها في أيام العطل.
تعود عامر على الخروج من البيت بعد الحصول على رضى والديه، ولم يكن يدخل البيت إلا ويقبل والدته ووالده، وتربطه علاقات حميمية وطنية مع أخواته وأخيه.
بدأ عام 1990 نشاطاته في مسجد الحاج يوسف اليونس بالحي الشمالي- شارع شويكة، وذلك بعد افتتاح المسجد الجديد، وبدأ مع أقرانه تشكيل نواة الشباب لهذا المسجد.
كان عامر يتولى الإشراف على ترتيبات الإفطارات الجماعية في مسجد اليونس خلال شهر رمضان أو غيره، وقد قام منتسبو الدورات في المسجد بإطلاق اسم “مركز الشهيد عامر الحضيري” على مركز التحفيظ والتجويد بعد استشهاده.
شارك في الانتفاضة ومقاومة الاحتلال في عمر التاسعة حسب إمكاناتهم، وكلما كبر كبر معه حبه لوطنه ومقارعته للعدو، إلى جانب مشاركته المتظاهرين بقذف سيارات العدو بالحجارة.
التحول الجديد بعد الاعتقال
داهمت قوات الاحتلال منزله يوم 13/01/1995، واعتقلت شقيقه الوحيد علي بتهمة مقاومة الاحتلال، وحينما كان عامر يقدم امتحانات الثاونية العامة، ليزيده هذا الاعتقال إصراراً على مقاومة المحتل ومشاركته الفعالة في انتفاضة الحجارة.
وأعادت قوات الاحتلال للمرة الثانية مداهمة منزلهم، وقامت باعتقالهم بتهمة الانتماء لحركة حماس، وإلقاء الحجارة والمشاركة في المظاهرات، وحكم عليه بالسجن عشرين شهراً منها 8 فعلية و12 مع وقف التنفيذ لمدة خمس سنوات مع غرامة مالية (5000) شيكل.
وشكّل اعتقاله مع شقيقه تحولاً جديداً في حياته، وازداد قوة وصلابة، وتنق في السجن بين الفارعة ومجدو والنقب، ونشط داخل السجون ليكون من الشباب المشهود لهم بالأخلاق والتقى والورع.
خرج من سجون الاحتلال في 13/10/1995، وكان والده بانتظاره عند حاجز الظاهرية، وعاد لنشاطه في حركة حماس، وبالذات الحركة الطلابية بمدارس طولكرم.
وتعرض للاعتقال في سجون الاحتلال مرة ثانية أوائل شباط/ فبراير 1998، وذلك أثناء سفره إلى قلقيلية لزيارة أقارب والده، عبر كمين نصبه الاحتلال قرب حربة جبارة بطولكرم، قبل أن يتم الإفراج عنه بعد شهر تقريباً.
حكايته مع الشهادة
كان عامر يتأخر الليالي مشاركاً زملاؤه في حماس والفصائل الأخرى باستلام المعونات، التي تصل إلى طولكرم، وتخزينها ومن ثم توزيعها على المحتاجين، وكان ملازماً لقادة الحركة في طولكرم، وبدأ في كثير من فعاليات ومسيرات حماس يرتدي الزي العسكري.
وخلال الستة أشهر الأخيرة من حياته، كثر كلامه عن الشهادة والشهداء وكرامات الشهيد مع أهله وأصدقائه، ليختم كلامه في كل مرة “اللهم اكتب لي الشهادة في سبيلك”.
وفي يوم استشهاده، خرج صباحاً إلى الجامعة كعادته ليعود إلى المنزل حوالي الساعة الحادية عشر، ويجلس مع والدته وأخته الصغيرة، وحينما قامت والدته لصلاة الظهر، طلب منها الدعاء بأن يرزقه الله بالشهادة، فدعت له بذلك.
واستأذن عامر والدته للخروج من البيت على أن يعود قبل الغداء، لكنه تأخر قليلاً وعاد في الثالثة إلا ثلث، حيث كان قلقاً على زميل له معتقداً أن اليهود اعتقلوه.
أحضرت والده له الغداء وطلب من أخته الصغيرة أن تكوي له بنطالاً وقميصاً يحبهما، وقال لها: يبدو أنني سأستشهد اليوم فاستحم وتوضأ وبدل ملابسه، وكان آذان العصر قد انتهى، فقال لوالديه إنني ذاهب إلى الصلاة في مسجد عمر بن الخطاب.
خرج من البيت راكباً سيارته التي لم يركبها منذ مدة، إلا صباح ذلك اليوم متوجها إلى المسجد لصلاة العصر ومقابلة أصحابه، وبعد دقيقتين من خروجه سمع والديه انفجارات مدوية، ليصرخ كل واحد منهما “عامر!”، لتكون هذه الانفجارات هي ثلاثة صواريخ تطلقها طائرات الأباتشي على عامر في سيارته.
وارتقى عامر إلى العلا بعد ثلاث ساعات بالضبط من دعاء والدته له بالشهادة حسب طلبه، فقد صدق الله وصدقه الله، وكشف الاحتلال أنه قرر اغتيال الحضيري لأنه كان على موعد لاستلام عبوات ناسفة لتجهيزها وتحضيرها لأعمال فدائية داخل الكيان الصهيوني.
ونعت حركة حماس فارسها المغوار عامر، ووعدت بالانتقام له، وجاء الرد سريعا على يد الاستشهادي عز الدين المصري منفذ عملية مطعم بيتزا سبارو/ القدس، والذي أهدى عمليته لعدد من الشهداء ومنهم القسامي عامر الحضيري.