توافق اليوم الذكرى السنوية الحادية وعشرين لاستشهاد القسامي المجاهد كامل خالد سيلاوي من مخيم جنين، والذي ارتقى بعد حياة حافلة بالجهاد برفقة الشهيد سمير عمر قنديل، بتاريخ 06/09/2002، بعد أن قامت قوات الاحتلال بتصفيتهما عقب اعتقالهما في الحي الشرقي من جنين.
ولد القسامي سيلاوي يوم السابع والعشرين من أغسطس لعام 1980 في مخيم جنين، لتكون بذلك عائلته قد أضافت رقماً صعباً في تاريخ القضية الفلسطينية، وتنحدر عائلته إلى بلدة سيلة الظهر قضاء جنين، وعرفت بجهادها ومثابرتها في طلب الشهادة.
فشقيقه الأكبر والوحيد أسامة تعرض للاعتقال منذ عام 1993، وحكمت عليه محكمة الاحتلال أربع مؤبدات لاتهامه بقتل صهاينة وعملاء للصهاينة، وخلال اندلاع انتفاضة الأقصى أضيفت لها خمس وخمسين عاماً، بعد أن رفض أسامة طلب الرحمة من المحكمة، وقال للقاضي إنني لن أطلب من مجرمين الرحمة.
واستشهدت جدة القسامي سيلاوي (أم والدته)، بعد أن فتحت قوات الاحتلال النار عليها وعلى مجموعة من النسوة في منطقة المراح بمدينة جنين، عام النكبة 1948.
الالتحاق بركب المجاهدين
لم يكن كامل في الانتفاضة الأولى قد بلغ من العمر ما يسمح له بحمل السلاح، فلم يكن يتجاوز العشر سنوات، إلا أنه أصر على أن يلتحق بركب المجاهدين، فلما بلغ أشده اتجه مباشرة إلى جهاز الشرطة في محافظة جنين، ليكون أحد أعضائه ويتدرب على حمل السلاح واستعماله، لينخرط في المقاومة الشعبية المشكلة في المدينة من قبل كل الفصائل العسكرية المسلحة التي ذابت في بوتقة واحدة تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله لحماية أمن الوطن والمواطن ودحر المحتل.
وشكل الشهيد كامل سيلاوي مع الشهيد محمد حاتم العط من كتائب شهداء الأقصى ثنائي جهادي متين كان مضرب المثل في الوحدة الوطنية، ويدا صلبة في ضرب الدبابات الصهيونية التي كانت تطالها عبواتهم الناسفة فقد كانا من أمهر زارعي العبوات في المنطقة وفي المكان والزمان المناسبين لذلك.
لم يكن الشهيد القسامي كامل خالد سيلاوي من النوع الثرثار الذي يحاول إبراز بطولاته، لدرجة أن والده لم يعرف عنه شيئا مما يقوم به مع الشبان، حتى أنه لم يكن يعرف أن ابنه أحد مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام، والحياة الجهادية لشهيدنا كامل لم يتم التعرف عليها إلا من بعض رفاقه الذين شاركوه مسيرة الجهاد، فقد أكدوا أن الشهيد كان من السباقين بفتح جبهة اشتباكات واسعة مع القوات الصهيونية في الحي القديم من مدينة جنين ” السياط”.
صور التحدي والبطولة
سطر شهيدنا المجاهد كامل أثناء معركة جنين البطولية أروع صور التحدي والبطولة، فأثناء قيام القوات الصهيونية بمحاولة اقتحام المخيم في عملية السور الواقي كان من بين المجموعة التي ألقت العبوة الناسفة على الدبابة الصهيونية في وسط المدينة، والتي أدت إلى سقوط الرشاش من نوع ” الجليلون” عن ظهر الدبابة ليغنمه المجاهدون.
وقد أكد من رافقوه في جهاده أن مدينة جنين من شرقها إلى غربها كانت ساحة صولاته وجولاته، فقد كان من بين المجموعة التي كمنت لجيب عسكري شمال المدينة قرب مصنع حداد، ما أدى إلى انقلاب الجيب وإصابة من فيه، وفي اشتباك مسلح أبلي في المجاهد القسامي كامل وتوأمه الجهادي الشهيد محمد العط بلاء حسنا.
كانت بصماتهم واضحة بعد أن كمنا لجيب عسكري قرب دوار الشهيد يحيى عياش غرب المدينة، ما أدى إلى إصابة جنديين صهيونيين بجراح ما بين متوسطة وخطيرة ليعود المجاهدين إلى قواعدهم سالمين.
ورغم أن الشهادة والاستشهاد كانت من أكثر الكلمات التي كانت يداعب بها الشهيد كامل نفسه إلا أنه لم يكن ينسى أن يذكِّر إخوانه المجاهدين بضرورة تقوية الصلة بالله سبحانه وتعالى والمحافظة على الصلاة حتى يكون جهادنا خالصا لوجهه، وقد أكد أحد زملائه أن سورة الكهف كانت من أكثر السور التي كان الشهيد يحب قراءتها بصوته الندي العذب.
موعد الشهادة
كان حب الجهاد والمقاومة قد ملأ على الشهيد أيامه وحياته، إلا أن استشهاد توأمه الجهادي الشهيد محمد حاتم العط قبل شهر من استشهاده كان من أبرز الحوادث التي قلبت كيان حياته رأسا على عقب، فلم تعد الابتسامة تداعب شفتيه.
ولم تعد النكتة تعرف مخرجها من فمه، ولم يكن همه إلا اللحاق برفيق دربه العط، فقد سمع من أحد إخوانه أنهم راغبون بعمل نصب تذكاري لشهداء الحي، فبادر سريعا بالطلب بأن يُترك مكانا صغيرا يتسع لاسمه، وفي ليلة الاستشهاد اقتربت منه الشهادة لدرجة كبيرة إلا أنها لم تصبه.
فقد اشتبك مع القوات الصهيونية اشتباك ضاري لينتقم للشهيد العط، وكادت رصاصة أن تستقر في قلبه إلا أن الرصاصة استقرت في سلاحه من نوع ” أم 16 ” التي غطت منطقة الصدر، ليصاب بالشظايا في وجهه وكان ذلك في الساعة التاسعة تقريبا من ليلة الاستشهاد، إلا أن هذا الموعد لم يكن موعده مع الشهادة، بل بقي له سبع ساعات أخرى من الحياة.
ففي تمام الساعة الرابعة من فجر يوم الجمعة، هو الموعد الذي مدت فيه الحور يدها لتمسك يد عريسها مرتقيا إلى الجنان بعد حياة حافلة بالجهاد مع الشهيد سمير عمر قنديل من كتائب شهداء الأقصى اللذين استشهدا سويا ليلحقا برفيق درب جهادهم الشهيد محمد العط، بعد أن قامت القوات الصهيونية الخاصة بتصفيتهما بعد أن اعتقلتهما في الحي الشرقي من المدينة.