لا تنحصر الانتصارات في الضفة الغربية على مكان دون آخر، فالشهادة التي تطوف مدن ومخيمات وقرى الضفة الغربية تثمر انتصارات عميقة تجدد ثوب المقاومة وتسعر من نيران لهيبها حتى تصل إلى كل مكان يعتقد المحتل أنَّه استقر أو شعر بإقامة دولته الزائلة.
منذ 70 عاماً والشعب الفلسطيني يقاوم من أجل الحرية، لم تضعفه أحداث النكبة عام 1948 عن المطالبة بحقه المنهوب من قبل العصابات الصهيونية بل بقيت الأرض تتحدث العربية وتنادي على ساكنيها الأصليين وشعبها الذي امتزجت آلامه بآماله فترةً طويلة من الزمن.
البداية والنشأة
يقع المخيم بالقرب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، فوق مساحة تبلغ حوالي 209 دونماً، أقيم المخيم في العام 1950 عقب احتلال الأرض الفلسطينية بعد حرب عام 1948، ونتيجةً للاكتظاظ السكاني توسعت مساحة المخيم عام 1965 إلى 90 دونما جديداً فيما بات يعرف باسم مخيم عسكر الجديد، غير أنَّ هذه المساحة الإضافية لم تعترف بها الأمم المتحدةـ فلم تتول شؤون الانفاق التعليمي والصحي والمعيشي عليها.
يسكن المخيم حوالي 17 ألف لاجيء مقسمين على الشطر القديم منه حوالي 6000، وأمَّا القسم الجديد فيسكنه 11000، وتنحدر أصول ساكنيه من مدن اللد ويافا والرملة المحتلتين، وقدَّم المخيم قافلةً من الشهداء على مدار سنوات اللجوء بالمخيم إضافةً إلى العديد من الجرحى والأسرى وما زال المخيم سائراً في طريق النضال والثورة حتى التحرير والعودة إلى البلاد التي خرج السكان منها.
مخيم الشهداء
كسائر المخيمات الفلسطينية قدم مخيم عسكر العديد من الشهداء الفلسطينيين على طريق الحرية والانعتاق من الاحتلال ففي مطلع العام 2023 وبعد اقتحام المخيم استشهد الشاب بسمان شنير 18 عاماً الذي ينحدر من أسرة فلسطينية مناضلة قدمت أخ له واسمه بشار شهيداً من قبل.
وفي سياق متصل في 5 مايو/ أيار من ذات العام اقتحمت قوات الاحتلال مخيم عسكر واغتالت كل من عبد الفتاح خروشة، حسن قطناني، ومعاذ المصري، والأسير الفتى عبد الله الزمر والتي تتهمهم بالقيام بعمليات ضد جنود الاحتلال في الضفة الغربية أدت إلى مقتل أكثر من 5 مستوطنين وإصابة العشرات بجروح.
وفي منتصف 2023 اقتحمت قوات الاحتلال المخيم بآلياتها العسكرية وشرعت بإطلاق الأعيرة النارية والغز المسيل للدموع مما أدلى إلى استشهاد طارق محمد خليل ادريس (39 عاما) متأثراً بإصابة قاتلة.
مخيم الأسرى
ويشهد مخيم عسكر حملات اعتقال كثيرة على مدار الثورات الفلسطينية المتنوعة وشهد العام 2023 حملات اعتقال واسعة شملت العديد من الشباب الفلسطيني ففي سبتمبر/ أيلول اعتقل الاحتلال الإسرائيلي نهاد أبو كشك، وهشام علي جاد الله، بعد ان داهمت منزلي ذويهما وفتشتهما.
كما ينحدر من المخيم مجموعة من الأسرى ذوي الأحكام العالية (المؤبدات) مثل الأسير جواد زياد عبد المعطى شلختي (39 عامًا) المعتقل منذ عام 2002 والمحكوم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة. وكذلك الأسير مراد موسى محمد فضل 37 عاماً وكذلك الأسير نور الدين أبو حاشية 20 عاماً.
وتصدر المحاكم الإسرائيلية أحكاماً بالمؤبدات على المناضلين الفلسطينيين منفذي العمليات الفدائية التي يقتل فيها جندي فأكثر، ويخضع الأسير المنتمنى لفصائل المقاومة الفلسطينية لعملية تحقيق قاسية جداً تهدف إلى انتزاع اعترافات كبيرة قد تؤدي إلى معرفة المخابرات الإسرائيلية بأسرار عسكرية عن النضال الفلسطيني ونوايا المناضلين.
هدم المنازل
يحاول الاحتلال الإسرائيلي أن يوقع في الفلسطينيين أكبر قدر ممكن من الضرر وذلك لردعهم عن ممارسة أي دور نضالي ومن ذلك ما يقوم به من هدم لمنازل المناضلين منفذي العمليات المقاومة في الضفة الغربية، وقد قامت وحدة الهندسة ،التابعة لقوات الاحتلال، بتفخيخ منزل عبد الفتاح خروشة في مخيم عسكر شرقي نابلس. بالمتفجرات عقب إخلاء البناية من السكان الذين يزيد عددهم على 60 شخصا بينهم 20 طفلا.
ونفذ الشهيد خروشة في فبراير/شباط 2023 عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل اثنين من المستوطنين، قبل أن تغتاله قوة إسرائيلية خاصة داخل مخيم جنين بعد ملاحقة استمرت أسابيع. ويبقى مخيم عسكر برجاله عصياً على الردع وتستمر مقاومته تطارد المحتل في كل مكان وإن ارتقى شهيد خلفه من يحمل الراية ويواصل المسير.