في عام 1967 اكتمل فقدان الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر بعد هزيمة دول الطوق العربي الأردن ومصر وسوريا أمام جيش الاحتلال، ومنذ ذلك الحين بدأت جذور النكبة الفلسطينية تضرب جذورها عميقاً على أنقاض القرى والمدن المدمرة المدمرة منذ عام 1948، وشعر الاحتلال بتفوقه العسكري على الدول العربية المستقلة حديثاً الباحثة عن سلامة أراضيها دون أن تهتم للمصلحة العربية الكبرى المتمثلة باسترداد فلسطين المحتلة.
ومع تتجدد الأيام، ودخول منظمة التحرير الفلسطينية في اعتراف متبادل مع دول الاحتلال عام 1993، بالإضافة إلى العلاقات التي بنيت على ذاك الاتفاق وما تبعه من تطبيع عربي وخليجي مع الاحتلال في عشرينيات القرن الواحد والعشرين، سعت الحكومات الإسرائيلية المتوالية يمينية أم يسارية إلى ترويج برامجها السياسية الداخلية بحجم بناء المستوطنات حتى أصبحت أراضي الضفة الغربية جزراً تعزلها مستوطنات الاحتلال التي تعلو الجبال. وتحيط بالمدن، ويسكنها مجرمون بثوب احتلال غاشم.
المقاومة الفلسطينية والمستوطنات
فشلت كافة المساعي السياسية على مدار 30 عاماً من عمر اتفاق أوسلو المزعوم من وقف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، وبلغت قلوب أهل القرى المجاورة للمستوطنات الحناجر، فوجود الاحتلال على مرمى حجر من قراهم يشكل تهديداً خطيراً على المواطنين لا سيما المزارعين منهم وأصحاب المواشي والدواب التي اعتادت على الرعاية في الأراضي الزراعية.
غير أنَّ المقاومة الفلسطينية اقتحمت مرارا وتكرارا تلك المستوطنات التي تعد من أكثر التجمعات الاستيطانية تحصيناً. ففي فجر يوم السبت الموافق 12 يناير/ كانون أول من عام 2024 حاول ثلاث فتية دخول مستوطنة (أداورا) بالقرب من الخليل.
وأطلقت قوات الاحتلال أعيرتها النارية على الفتية الثلاثة إسماعيل احمد يوسف أبو جحيشة (19 عاما)، ومحمود عرفات يوسف أبو جحيشة (16 عاما) وعدي إسماعيل يوسف أبو جحيشة (16 عاما)، حتى استشهدوا جميعاً.
وفي أعقاب ذلك أغلقت قوات الاحتلال مداخل بلدتي إذنا وترقوميا التي يعود إليها مكان سكن الفتية الثلاثة، وانتشرت بكثافة في محيط المستعمرة مخافة وجود مقاومين آخرين، وهجوم مفاجيء آخر، فيما قامت طائرات الاحتلال بإطلاق قنابل الإنارة في المنطقة لكشف الأراضي المحيطة بها، لابعاد تخوف تسلل آخرين إلى المنطقة.
وانتقاماً من ذوي منفذي العملية داهمت قوات منازل ذوي منفذي عملية إطلاق النار، في بلدة إذنا غربي الخليل واعتقلت عدداً من أقاربهم، فيما صادرت نحو 20 مركبة.
وتستمر المقاومة الفلسطينية في استهداف المستوطنات الصهيونية منذ ما قبل السابع من أكتوبر/ تشرين أول عام 2024، وتبقى مقاومة الضفة الغربية قادرة على ابتكار الوسائل والوصول إلى عمق الاحتلال متى شاءت وفي الكيفية التي تريد لا يضرها ارتقاء الشهداء بل يمنحها مزيداً من الاصرار والتشبث بالأرض ومقاومة المحتل.