عشرة أعوام مضت على لوحة العز والفخار التي رسمها الفلسطيني المقاوم في الضفة الغربية، والتي أربكت حسابات الاحتلال، وتحدت منظومته الأمنية.
وفي عصر 13 يونيو/ حزيران 2014 أعلن الاحتلال عن اختفاء آثار ثلاثة مستوطنين شمالي مدينة الخليل، في الليلة السابقة لذلك اليوم، معلنا أنه قد وقف عاجزا عن العثور عليهم رغم كل ما يملكه الاحتلال من سيطرة فعلية على الأرض.
أيقن الاحتلال أن الحادثة عملية أسر جريئة نفذتها كتائب القسام بهدف إتمام صفقة تبادل وجاءت تزامناً مع إضراب الأسرى في السجون.
تفاصيل العملية
كانت بدايات العملية حين اختفت آثار المجاهدين القساميين عامر أبو عيشة ومروان القواسمي من الخليل تزامنًا مع عملية أسر المستوطنين الثلاثة.
وقال والد الشهيد أبو عيشة وقتها إن نجله عامر أخبر زوجته أنه سيذهب للعمل في بلدة العيزرية لمدة يومين، ولم يعد منذ تلك اللحظة، فيما أكدت والدة الشهيد القواسمي أنها لا تعرف شيئا عنه منذ لحظة اختفائه.
شنت قوات الاحتلال عملية عسكرية، بحثا عن المستوطنين الثلاثة، نفذت خلالها حملة تفتيش واسعة النطاق لتطال كل حجر في محافظة الخليل، بالتزامن مع حملة الاعتقالات الواسعة التي شملت أكثر من 1000 فلسطيني.
واستمرت تلك العملية حتى أعلنت قوات الاحتلال مساء يوم الإثنين 30 يونيو، العثور على جثث المستوطنين بعد 19 يومًا من العملية، مدفونة غربي مدينة حلحول شمال مدينة الخليل، بينما لم يعثر على البطلين مروان وعامر.
واصلت قوات الاحتلال حربها ضد المقاومَين، من خلال تفجير منزلي عوائلهما، في بداية شهر تموز، حيث وصفت زوجة الشهيد أبو عيشة هجوم الاحتلال وقتها بالهمجي وبدون سابق إنذار حيث كانوا في زيارة لجيرانهم لحظة التفجير.
شهادة أبطال القسام
وبعد 3 شهور وفي 23- 9- 2014، وعند الساعة الثالثة فجرًا، حاصرت قوات الاحتلال منزلًا، قرب مسجد الرباط في حي الجامعة بمدينة الخليل، تحصن فيه الشهيدان القساميان، وشرعت بإطلاق رصاص كثيف في الحي وأجرت عمليات تفجير في المكان قبل مطالبة قاطني المنزل بالخروج وتسليم أنفسهم.
وبعد ساعات من إطلاق النار المتبادل، قصفت قوات الاحتلال المبنى بالقنابل الحارقة والفراغية، وأعلنت عن تمكنها من اغتيال المطاردين عامر أبو عيشة، ومروان القواسمي، في عملية شارك فيها أكثر من 100 جندي إسرائيلي، مدعومين بطائرات استطلاع.
وبعد شهرين من عملية الأسر البطولية، نشرت وسائل إعلام الاحتلال تفاصيل عن مقتل المستوطنين الثلاثة قرب مدينة الخليل مستندة في ذلك إلى لوائح اتهام مقدمة بحق بعض المشاركين فيها ممن تم اعتقالهم، ومن ضمنهم الأسير حسام القواسمي الذي اتهمه الاحتلال بالتخطيط للعملية.
وأفاد الإعلام العبري أن مروان القواسمي وعامر أبو عيشة المتهمين بخطف وقتل المستوطنين الثلاثة في 12 يونيو/حزيران، نجحا في تغيير أماكن الاختباء وأنهما ناما ليلة في العراء، بعد الخطف بخمسة أيام، دون ملاحظة قوات الاحتلال التي تواجدت بكثافة في مدينة الخليل.
إرباك وفرحة
ورغم كل ما عاشته الضفة الغربية المحتلة من ظروف عصيبة، إلا أن مجاهدي كتائب القسام نجحوا في إرباك حسابات الاحتلال.
وكانت فرحة الفلسطينيين بما جرى من عملية خطف للمستوطنين، تؤكد أن الشعب الفلسطيني سيظل وفياً لخيار المقاومة، فهو الخيار الوحيد الذي يحفظ لهم كرامتهم، ويرد لهم اعتبارهم، بل ويثبت لهم وجودهم، في ظل مساعي الاحتلال لطمس الهوية وإخماد جذوة المقاومة.
واليوم وبعد عشرة سنوات من عملية الأبطال مروان وعامر وحسام، ما زالت الضفة تنبض بالثورة والمقاومة، ومؤكدة على أن الاحتلال ومستوطنيه لم ولن يستطيعوا إطفاء جذوة المقاومة، وأن عنجهية المستوطنين سيتم كسرها، فلا مكان لهم على أرضنا، وسيرحلون عنها.