توافق اليوم الذكرى الثالثة والعشرون لعملية الاستشهادي القسامي رائد نبيل البرغوثي من رام الله، والذي فجّر نفسه في شارع الأنبياء غرب القدس المحتلة، ما أسفر عن مقتل خمسة إسرائيليين وجرح أكثر من 30 آخرين.
ولد الشهيد رائد في قرية عابود عام 1975، وتربى على القرآن منذ صغره، وكان ملتزماً بالصلاة، وأحب الله فأحبه الله، وحصل على جوائز عدة من مراكز التحفيظ في منطقته، بسبب اجتهاده في حفظ كتاب الله بشكل لافت.
القسامي الهادئ
تميز القسامي رائد بهدوئه واجتهاده في دروسه بشكل كبير، وكان مواظباً منذ الصغر على العلم والتعلم، وأكمل دراسته الأساسية والثانوية في قريته عابود التي تبعد 15 كم عن مدينة رام الله، وتخرج من مدرسته حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية العامة بمعدل مرتفع يؤهله لدراسة الطب، لكنه أصر على دراسة العلوم الدينية.
التحق رائد بجامعة القدس ليكمل تعليمه الجامعي ويدرس العلوم الشرعية في كلية الدعوة وأصول الدين، وتخرج منها ليعمل مدرساً للتربية الإسلامية في قرية قراوة بني زيد المجاورة لقريته مدة أربع سنوات قبل استشهاده.
أقام مع طلابه علاقة صداقة فاقت العلاقة بين المدرس والطالب، ما أكسبه حباً شديداً من طلابه، ودرج المعلم رائد على تقديم الجوائز والحوافز لطلابه لتشجيعهم على التعلم، وأهدى عدداً من طالباته اللباس الإسلامي “الحجاب”.
الاعتقالات
تعرض شهيدنا القسامي للاعتقال على يد قوات الاحتلال مرتين قبل استشهاده، فقد كانت المرة الأولى عام 1994، بعد أن بقي مطلوباً للاحتلال لمدة شهرين تمكن خلالها من إكمال فصله الدراسي في الكلية.
بينما كان الاعتقال الثاني عام 1997، وذلك في أعقاب تخرجه من الجامعة وإلقائه بعض الخطب الحماسية في قريته، وقد سجن لمدة سبعة أشهر وخرج بعدها، وخضع للتحقيق في معتقل المسكوبية لمدة 67 يوماً متواصلة.
وبحسب والدته، فإن الشهادة استوطنت قلبه منذ استشهاد ابن عمته علاء البرغوثي في بداية انتفاضة الأقصى، وكان يردد دائماً: “والله سبقنا علاء إلى الشهادة، ولقد تأخرت كثيراً عليه، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي ألتقي علاء في الجنة”.
موعدة الشهادة
قبل تنفيذه العملية بيوم، ذهب إلى جامعة القدس المفتوحة وسجل أخاه ودفع له الرسوم، واتصل بأمه وسألها: “هل أنت مسرورة؟”، وأخبرها أن لا تقلق عليه لأنه سينام عند أحد أصدقائه، ومن ثم سيذهب إلى عمله من رام الله، وأوصاها بأخوته جميعاً وكذلك جدته التي يكن لها كل محبة وتقدير.
الرابع من أيلول/ سبتمبر 2001، كانت فلسطين على موعد مع عملية الاستشهادي رائد البرغوثي البطولية، والذي فجّر نفسه في مدينة القدس المحتلة، وتناثرت أشلاء الإسرائيليين لتسفر العملية عن مقتل 5 إسرائيليين وتصيب أكثر من 30 آخرين.